ثم وعظ كفار مكة ليعتبروا في صنعه، فقال سبحانه: ﴿ أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ ﴾ في الأرض.
﴿ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ سُجَّداً ﴾، وذلك أن الشجر، والبنيان، والجبال، والدواب، وكل شىء، إذا طلعت عليه الشمس يتحول ظل كل شىء عن اليمين قبل المغرب، فذلك قوله سبحانه: ﴿ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ ﴾، يعني يتحول الظل، فإذا زالت الشمس، تحول الظل عن الشمال قبل المشرق، كسجود كل شىء في الأرض لله تعالى، ظله في النهار سجداً.
﴿ لِلَّهِ ﴾، يقول: ﴿ وَهُمْ دَاخِرُونَ ﴾ [آية: ٤٨]، يعني صاغرون.﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ ﴾ من الملائكة.
﴿ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ ﴾ أيضاً يسجدون. قال: قال مقاتل، رحمه الله: إذا قال: ما في السموات، يعني من الملائكة وغيرهم وكل شىء في السماء، والأرض، والجبال، والأشجار، وكل شىء في الأرض، وإذا قال: من في السموات، يعني كل ذي روح من الملائكة، والأدميين، والطير، والوحوش، والدواب، والسباع، والهوام، والحيتان فىالماء، وكل ذي روح أيضاً ساجدون. ثم نعت الله الملائكة، فقال: ﴿ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [آية: ٤٩]، يعني لا يتكبرون عن السجود.﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوقِهِمْ ﴾، الذي هو فوقهم؛ لأن الله تعالى فوق كل شىء، خلق العرش، والعرش فوق كل شىء.
﴿ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [آية: ٥٠].