﴿ قُلِ ﴾ لكفار مكة: ﴿ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم ﴾ أنهم آلهة ﴿ مِّن دُونِهِ ﴾، من دون الله يعني الملائكة، فليكشفوا الضر عنكم، يعني الجوع سبع سنين إذا نزل بكم، ثم أخبر عن الملائكة الذين عبدوهم، فقال سبحانه: ﴿ فَلاَ يَمْلِكُونَ ﴾، يعني لا يقدرون على ﴿ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ ﴾، يعني الجوع الذي أصابهم بمكة سبع سنين حتى أكلوا الميتة، والكلاب، والجيف، فيرفعونه عنكم.
﴿ وَلاَ تَحْوِيلاً ﴾ [آية: ٥٦]، يقول: ولا تقدر الملائكة على تحويل هذا الضر عنكم إلى غيره، فكيف تعبدونهم، مثلها في سورة سبأ:﴿ قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ ﴾[سبأ: ٢٢]، يعني أصغر النمل التي لا تكاد أن ترى من الصغر، وهى النملة الحمراء. ثم قال يعظهم: ﴿ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ ﴾، يقول: أولئك الملائكة الذين تعدونهم.
﴿ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ ﴾، يعني الزلفة، وهي القربة بطاعتهم.
﴿ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ﴾ إلى الله درجة، مثل قوله سبحانه:﴿ وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ ﴾[المائدة: ٣٥]، يعني القربة إلى الله عز وجل.
﴿ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ﴾، يعني جنته، نظيرها في البقرة:﴿ أُوْلۤـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ ٱللَّهِ ﴾[البقرة: ٢١٨]، يعني جنة الله عز وجل: ﴿ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾، يعني الملائكة.
﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً ﴾ [آية: ٥٧]، يقول: يحذره الخائفون له، فابتغوا إليه الزلفة كما تبتغى الملائكة وخافوا أنتم عذابه كما يخافون، وارجوا أنتم رحمته كما يرجون: فـ ﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً ﴾.
﴿ وَإِن مِّن قَرْيَةٍ ﴾، يقول: وما من قرية طالحة أو صالحة.
﴿ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً ﴾، فأما الصالحة، فهلاكها بالموت، وأما الطالحة، فيأخذها العذاب في الدنيا.
﴿ كَانَ ذٰلِك ﴾، يعني هلاك الصالحة بالموت، وعذاب الطالحة في الدنيا.
﴿ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً ﴾ [آية: ٥٨]، يعني في أم الكتاب مكتوباً، يعني اللوح المحفوظ، فتموت أو ينزل بها ذلك.