﴿ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ ﴾، وذلك أن رجلاً من المسلمين دعا الله عز وجل، ودعا الرحمن في صلاته، فقال أبو جهل بن هشام: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون رباً واحداً، فما بال هذا يدعو ربين اثنين أولستم تعلمون أن الله اسم، والرحمن اسم، قالوا: بلى، فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ ﴾.
" فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الرجل، فقال: " يا فلان، ادع الله، أو ادع الرحمن، ورغم آناف المشركين ".
﴿ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ ﴾، يقول: فأيهما تدعو.
﴿ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ ﴾، يعني الأسماء الحسنى التي في آخر الحشر، وسائر ما في القرآن.
﴿ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ ﴾، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكة يصلي إلى جانب دار أبي سفيان عند الصفا، فجهر بالقرآن في صلاة الغداة، فقال أبو جهل: لم تفتري على الله، فإذا سمع ذلك منه خفض صوته، فلا يسمع أصحابه القرآن، فقال أبو جهل: ألم تروا يا معشر قريش ما فعلت بابن أبي كبشة حتى خفض صوته، فأنزل الله تعالى ذكره: ﴿ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ ﴾، يعني بقراءتك في صلاتك، فيسمع المشركون فيوءذوك.
﴿ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا ﴾، يقول: ولا تسر بها، يعني بالقرآن، فلا يسمع أصحابك.
﴿ وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً ﴾ [آية: ١١٠]، يعني مسلكاً، يعني بين الخفض والرفع.﴿ وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾، وذلك أن اليهود قالوا: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقالت العرب: إن لله عز وجل شريكاً من الملائكة، فأكذبهم الله عز وجل فيها، فنزه نفسه تبارك وتعالى مما قالوا، فأنزل الله جل جلاله: ﴿ وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾، الذي علمك هذه الآية.
﴿ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ﴾، عزيراً وعيسى.
﴿ وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ ﴾ من الملائكة.
﴿ فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ ﴾، يعني صاحباً ينتصر به.
﴿ مَّنَ ٱلذُّلِّ ﴾، كما يلتمس الناس النصر، إن فاجأهم أمر يكرهونه.
﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ﴾ [آية: ١١١]، يقول: وعظمه يا محمد تعظيماً، فإنه من قال: إن لله عز وجل ولداً، أو شريكاً، لم يعظمه، يقول: نزهه عن هذه الخصال التي قالت النصارى، واليهود، والعرب.


الصفحة التالية
Icon