﴿ وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ ﴾، يقول: أخبر كفار مكة الذين سألوا عن أصحاب الكهف بما أوحينا إليك من أمرهم، لا تنقص ولا تزيد.
﴿ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً ﴾ [آية: ٢٧]، يعني مدخلاً، يقول: لا تقل في أصحاب الكهف إلا ما قد قيل لك، فإن فعلت فإنك لن تجد من دون الله عز وجل ملجأ تلجأ إليه ليمنعك منا.﴿ وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم ﴾، يعني يعبدون ربهم، يعني بالصلاة له.
﴿ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ ﴾، طرفى النهار.
﴿ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾، يعني يبتغون بصلاتهم وصومهم وجه ربهم.
﴿ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾، نزلت في عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو الفزارى، وذلك أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده الموالي وفقراء العرب، منهم: بلال بن رباح المؤذن، وعمار بن ياسر، وصهيب بن سنان، وخباب بن الأرت، وعامر بن فهيرة، ومهجع بن عبد الله مولى عمر بن الخطاب، وهو أول شهيد قتل يوم بدر، رضي الله عنهم، وأيمن ابن أم أيمن، ومن العرب أبو هريرة الدوسي، وعبد الله بن مسعود الهذلي، وغيرهم، وكان على بعضهم شملة قد عرق فيها. فقال عيينة بن حصن للنبي صلى الله عليه وسلم: إن لنا شرفاً وحسباً، فإذا دخلنا عليك فاعرف لنا ذلك، فأخرج هذا وضرباءه عنا، فوالله إن ليؤذينا ريحه، يعني جبته آنفاً، فإذا خرجنا من عندك فأذن لهم إن بدا لك أن يدخلوا عليك، فاجعل لنا مجلساً ولهم مجلس، فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا ﴾، يعني القرآن.
﴿ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾، يعني وآثر هواه.
﴿ وَكَانَ أَمْرُهُ ﴾ الذي يذكر من شرفه وحسبه.
﴿ فُرُطاً ﴾ [آية: ٢٨]، يعني ضائعاً في القيامة، مثل قوله:﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾[الأنعام: ٣٨]، يعني ما ضيعنا.﴿ وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ﴾، يعني القرآن.
﴿ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾، هذا وعيد، نظيرها في حم السجدة،﴿ ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾[فصلت: ٤٠]، يعني من شاء فليصدق بالقرآن، ومن شاء فليكفر بما فيه، ثم ذكر مصير الكافر والمؤمن، فقال: ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ﴾، وذلك أنه يخرج عنق من النار فيحيط بهم، فذلك السرادق، ثم قال سبحانه: ﴿ وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ ﴾، يقول: أسود غليظ كدردي الزيت.
﴿ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ ﴾، وذلك أنه إذا دنا من فيه، اشتوى وجهه من شدة حر الشراب، ثم قال سبحانه: ﴿ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً ﴾ [آية: ٢٩]، يقول: وبئس المنزل.


الصفحة التالية
Icon