﴿ وَهَلْ أَتَاكَ ﴾ يقول: وقد جاءك ﴿ حَدِيثُ مُوسَىٰ ﴾ [آية: ٩].
﴿ إِذْ رَأَى نَاراً ﴾ ليلة الجمعة في الشتاء بأرض المقدسة.
﴿ فَقَالَ لأَهْلِهِ ﴾ يعني امرأته وولده ﴿ ٱمْكُثُوۤاْ ﴾ مكانكم ﴿ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً ﴾ يعني إنى رأيت ناراً، وهو نور رب العالمين، تبارك وتعالى: ﴿ لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ ﴾ فأقتبس النار لكى تصطلون من البرد ﴿ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى ﴾ [آية: ١٠] يعني من يرشدني إلى الطريق، وكان موسى، عليه السلام، قد تحير ليلاً وضل الطريق، فلما انتهى إليها سمع تسبيح الملائكة، ورأى نوراً عظيماً فخاف، وألقى الله، عز وجل، عليه السكينة.﴿ فَلَمَّآ أَتَاهَا ﴾ انتهى إليها ﴿ نُودِيَ يٰمُوسَىٰ ﴾ [آية: ١١].
﴿ إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ ﴾ من قدميك وكانتا من جلد حمار ميت غير ذكى، فخلعهما موسى، عليه السلام، وألقاهما من وراء الوادى ﴿ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ ﴾ يعني بالوادى المطهر ﴿ طُوًى ﴾ [آية: ١٢] وهو اسم الوادى.﴿ وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ ﴾ يا موسى للرسالة ﴿ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ ﴾ [آية: ١٣] يعني للذى يوحى إليك. والوحى ما ذكر الله، عز وجل: ﴿ إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ ﴾.
حدثنا عبيد الله، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنا الهذيل، عن مقاتل، عن علقمة بن مرثد، عن كعب: أن موسى، عليه السلام، كلمه ربه مرتين، ورأى محمد، صلى الله عليه وسلم ربه، جل جلاله، مرتين، وعصى آدم، عليه السلام، ربه تعالى، مرتين. حدثنا عبيد الله، قال: وحدثنى أبى، عن الهذيل، عن حماد بن عمرو النصيبى، عن عبد الحميد بن يوسف، قال صياح الدراج: " الرحمن على العرش استوى ". حدثنا عبيد الله، قال: حدثنى أبى، عن الهذيل، عن صيفى بن سالم، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن، في قوله، عز وجل: ﴿ أَكَادُ أُخْفِيهَا ﴾ قال: أخفيها من نفسى، قال هذيل: ولم أسمع مقاتلا. قوله سبحانه: ﴿ فَٱعْبُدْنِي ﴾ يعني فوحدنى، فإنه ليس معى إله، ثم قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ ﴾ [آية: ١٤] يقول: لتذكرنى بها، يا موسى. ثم استأنف ﴿ إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ ﴾ يقول: إن الساعة جائية لا بد ﴿ أَكَادُ أُخْفِيهَا ﴾ من نفسى في قراءة ابن مسعود، فكيف يعلمها أحد، وقد كدت أن أخفيها من نفسى، لئلا يعلمها مخلوق ﴿ لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ ﴾ يقول سبحانه: الساعة آتية لتجزى كل نفس بر وفاجر ﴿ بِمَا تَسْعَىٰ ﴾ [آية: ١٥] إذا جاءت الساعة يعني بما تعمل في الدنيا.﴿ فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا ﴾ يا محمد، يعني عن إيمان بالساعة ﴿ مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا ﴾ يعني من لا يصدق بها أنها كائنة ﴿ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَتَرْدَىٰ ﴾ [آية: ١٦] يعني فتهلك إن صدوك عن الإيمان بالساعة، فيها تقديم.