كما قال تعالى: ﴿ يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ ﴾ فرعون وقومه ﴿ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ ﴾ يعنى حين سار موسى مع السبعين عن يمين الجبل، فأعطى التوراة ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ ﴾ [آية: ٨٠] فى التيه، أما المن فالترنجبين كان بين أعينهم بالليل على شجرهم أبيض كأنه الثلج، حلو مثل العسل، فيغدون عليه فيأخذون منه ما يكفيهم يومهم ذلك، ولا يرفعون منه لغد، ويأخذون يوم الجمعة ليومين، لأن السبت كان عندهم لا يسيحون فيه ولا يعملون فيه، هذا لهم وهم فى التيه مع موسى، عليه السلام، وتنبت ثيابهم مع أولادهم، أما الرجال فكانت ثيابهم لا تبلى، ولا تخرف، ولا تدنس، وأما السلوى وهو الطير، وذلك أن بنى إسرائيل سألوا موسى اللحم وهم فى التيه، فسأل موسى، عليه السلام، ربه عز وجل ذلك، فقال الله: لأطعمنهم أقل الطير لحماً فبعث الله سبحانه سحاباً فأمطرت سماناً، وجمعتهم الريح الجنوب، وهى طير حمر تكون فى طريق مصر، فمطرت قدر ميل فى عرض الأرض، وقد رطول رمح فى السماء. يقول الله تعالى ذكره: ﴿ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ يعنى بالطيبات الحلال من الرزق ﴿ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ ﴾ يقول: ولا تعصوا فى الرزق، يعنى فيما رزقناكم من المن والسلوى فترفعوا منه لغد، وكان الله سبحانه قد نهاهم أن يرفعوا منه لغد فعصوا الله، عز وجل، ورفعوا منه، وقددوا، فتدود ونتن، ولولا صنيع بنى إسرائيل لم يتغير الطعام أبداً، ولولا حواء زوج آدم، عليهما السلام، لم تخن أنثى زوجها الدهر، فذلك قوله: ﴿ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ ﴾ كقوله تعالى لفرعون: ﴿... إِنَّهُ طَغَىٰ ﴾ يعنى عصى ﴿ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ﴾ يعنى فيجب عليكم عذابى ﴿ وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي ﴾ عذابى ﴿ فَقَدْ هَوَىٰ ﴾ [آية: ٨١] يقول: ومن وجب عليه عذابى فقد هلك.﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ ﴾ من الشرك عن عبادة العجل ﴿ وَآمَنَ ﴾ يعنى وصدق بتوحيد الله، عز وجل.
﴿ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ ﴾ [آية: ٨٢] يعنى عرف أن لعمله ثواباً يجازى به كقوله سبحانه:﴿ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾[النحل: ١٦] يعنى يعرفون الطريق.


الصفحة التالية
Icon