﴿ وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ ﴾ [آية: ٨٣] يعنى السبعين الذين اختارهم موسى حين ذهبوا معه إلى الطور ليأخذوا التوراة من ربه، عز وجل، فلما ساروا عجل موسى، عليه السلام، شوقاً إلى ربه تبارك وتعالى، وخلف السبعين، وأمرهم أن يتبعوه إلى الجبل، فقال الله عز وجل له: ﴿ وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ ﴾؟ السبعين.﴿ قَالَ ﴾ لربه جل وعز: ﴿ هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي ﴾ يجيئون من بعدى ﴿ وَعَجِلْتُ ﴾ يعنى أسرعت ﴿ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ ﴾ [آية: ٨٤] يقول: حتى ترضى عنى.﴿ قَالَ ﴾ الله جل جلاله: ﴿ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ ﴾ يعنى الذين خلفهم مع هارون على ساحل البحر سوى السبعين.
﴿ مِن بَعْدِكَ ﴾ بالعجل ﴿ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ ﴾ [آية: ٨٥] حين أمرهم بعبادة العجل وكانوا اثنى عشر ألفاً.﴿ فَرَجَعَ مُوسَىٰ ﴾ من الجبل ﴿ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ ﴾ عليهم ﴿ أَسِفاً ﴾ حزيناً لعبادتهم العجل ﴿ قَالَ ﴾ لهم ﴿ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً ﴾ يعنى حقاً كقوله سبحانه فى البقرة:﴿ ... وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً... ﴾[البقرة: ٨٠] يعنى حقاً فى محمد صلى الله عليه وسلم، أن يعطيكم التوراة فيها بيان كل شىء، والوعد حين قال عز وجل:﴿ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ ﴾[طه: ٨٠] حين سار موسى مع السبعين ليأخذوا التوراة فطال عليهم العهد، يعنى ميعاده إياهم أربعين يوماً، فذلك قوله تعالى: ﴿ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ ﴾ يعنى أن يجب عليكم عذاب، كقوله تعالى:﴿ ... قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ.. ﴾[الأعراف: ٧١] يعنى عذاب ﴿ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي ﴾ [آية: ٨٦] يعنى الأربعين، يوماً، وذلك أنهم عدوا الأيام والليالى، فعدوا عشرين يوماً وعشرين ليلة، ثم قالوا لهارون: قد تم الأجل الذى كان بيننا وبين موسى، فعند ذلك أضلهم السامرى.﴿ قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا ﴾ ونحن نملك أمرنا ﴿ وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً ﴾ يعنى خطايا؛ لأن ذلك حملهم على صنع العجل وعبادته ﴿ مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ ﴾ يقول: من حلى آل فرعون الذهب والفضة، وذلك أنه لما مضى خمسة وثلاثون يوماً، قال لهم السامرى وهو من بنى إسرائيل: يا أهل مصر، إن موسى لا يأتيكم، فانظروا هذا الوزر، وهو الرجس الذى على نسائكم وأولادكم من حلى آل فرعون الذى أخذتموه منهم غصباً، فتطهروا منه، واقذفوه فى النار. ففعلوا ذلك وجمعوه فعمد السامرى؛ فأخذه ثم صاغه عجلاً لست وثلاثين يوماً، وسبعة وثلاثين يوماً، وثمانية وثلاثين يوماً، فصاغة فى ثلاثة أيام، ثم قذف القبضة التى أخذها من أثر حافر فرس جبريل، عليه السلام، فخار العجل خورة واحدة، ولم يثن، فأمرهم السامرى بعبادة العجل لتسعة وثلاثين يوماً، ثم أتاهم موسى، عليه السلام، من الغد لتمام أربعين يوماً، فذلك قوله سبحانه: ﴿ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ ﴾ يعنى هكذا ﴿ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ ﴾ [آية: ٨٧] الحلى فى النار.﴿ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً ﴾ يعنى بالجسد أنه لا روح فيه ﴿ لَّهُ خُوَارٌ ﴾ يعنى له صوت ﴿ فَقَالُواْ ﴾ قال السامرى وحده: ﴿ هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ ﴾ معشر بنى إسرائيل، وذلك أن بنى إسرائيل لما عبروا البحر مروا على العمالقة وهم عكوف على أصنام لهم، قالوا لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، فاغتنمها السامرى، فلما اتخذه قال: هذا إلهكم وإله موسى معشر بنى إسرائيل.
﴿ فَنَسِيَ ﴾ [آية: ٨٨] يقول: فترك موسى ربه وهو هذا، وقد ذهب موسى يزعم خطاب ربه، يقول الله جل جلاله.