﴿ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ ﴾ يعنى من الملائكة ﴿ إِنِّيۤ إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ ﴾ يعنى من دون الله عز وجل ﴿ فَذٰلِكَ ﴾ يعنى فهذا الذى يقول: إنى إله من دونه ﴿ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ ﴾ [آية: ٢٩] النار حين زعموا أن مع الله، عز وجل، إلهاً، ولم يقل ذلك أحد من الملائكة غير إبليس عدو الله رأس الكفر.﴿ أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ ﴾ يقول: أو لم يعلم الذين كفروا من أهل مكة ﴿ أَنَّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً ﴾ يعنى ملتزقين، وذلك أن الله تبارك وتعالى أمر بخار الماء فارتفع، فخلق منه السموات السبع، فأبان إحداهما من الأخرى، فذلك قوله: ﴿ فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ ثم قال سبحانه: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾ يقول: وجعلنا الماء حياة كل شىء يشرب الماء ﴿ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [آية: ٣٠] يقول: أفلا يصدقون بتوحيد الله عز وجل مما يرون من صنعه.﴿ وَجَعَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ ﴾ يعنى الجبال أرسيت فى الأرض، فأثبتت الأرض بالجبال ﴿ أَن تَمِيدَ بِهِمْ ﴾ لئلا تزول الأرض بهم ﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا ﴾ يعنى فى الجبال ﴿ فِجَاجاً ﴾ يعنى كل شعب فى جبل فيه منذ ﴿ سُبُلاً ﴾ يعنى طرقاً ﴿ لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ [آية: ٣١] يقول: لكى يعرفوا طرقها.﴿ وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً ﴾ يعنى المرفوع ﴿ مَّحْفُوظاً ﴾ من الشياطين لئلا يسمعوا إلى كلام الملائكة، فيخبروا الناس.
﴿ وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا ﴾ يعنى الشمس والقمر والنجوم وغيرها ﴿ مُعْرِضُونَ ﴾ [آية: ٣٢] فلا يتفكرون فيما يرون من صنعه، عز وجل، فيوحدونه.﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [آية: ٣٣] يقول: يدخلان من قبل المغرب فيجريان تحت الأرض حتى يخرجا من قبل المشرق، ثم يجريان فى السماء إلى المغرب، فذلك قوله سبحانه: ﴿ كُلٌّ ﴾ يعنى الشمس والقمر ﴿ فِي فَلَكٍ ﴾ يعنى فى دوران ﴿ يَسْبَحُونَ ﴾ يعنى يجرون، فذلك دورانهما.﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ ﴾ وذلك أن قوماً قالوا: إن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يموت، فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ ﴾ يعني لنبي من الأنبياء ﴿ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ ﴾ فى الدنيا فلا يموت فيها، بل يموتون، فلما نزلت هذه الآية، قال النبى صلى الله عليه السلام: لجبريل عليه السلام" فمن يكون فى أمتى من بعدى "، فأنزل الله عز وجل: ﴿ أَفَإِنْ مِّتَّ ﴾ يعنى محمداً صلى الله عليه وسلم ﴿ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ ﴾ [آية: ٣٤] فإنهم يموتون أيضاً.


الصفحة التالية
Icon