﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ﴾ يعنى على شك، نزلت فى أناس من أعراب أسد بن خزيمة، وغطفان. قال مقاتل: إذا سألك رجل على كم حرف تعبد الله، عز وجل، فقل: لا أعبد الله على شىء من الحروف، ولكن أعبد الله تعالى ولا أشرك به شيئاً لأنه واحد لا شريك له. كان الرجل يهاجر إلى المدينة، فإن أخصبت أرضه، ونتجت فرسه، وولد له غلام، وصح بالمدينة، وتتابعت عليه الصدقات، قال: هذا دين حسن، يعنى الإسلام. فذلك قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ ﴾ يقول: رضى بالإسلام، وإن أجدبت أرضه، ولم تنتج فرسه، وولدت له جارية، وسقم بالمدينة، ولم يجد عليه بالصدقات، قال: هذا دين سوء، ما أصابنى من دينى هذا الذى كنت عليه إلا شراً فرجع عن دينه، فذلك قوله سبحانه: ﴿ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ﴾ يعنى بلاء ﴿ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ ﴾ يقول: رجعل إلى دينه الأول كافراً ﴿ خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلآُخِرَةَ ﴾ خسر دنياه التى كان يحبها، فخرج منها ثم أفضى إلى الآخرة وليس له فيها شىء، مثل قوله:﴿ ... إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ... ﴾[الزمر: ١٥] يقول الله عز وجل: ﴿ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ ﴾ [آية: ١١] يقول: ذلك هو الغبن البين، ثم أخبر عن هذا المرتد عن الإسلام. فقال سبحانه: ﴿ يَدْعُوا ﴾ يعنى يعبد ﴿ مِن دُونِ ٱللَّهِ ﴾ يعنى الصنم ﴿ مَا لاَ يَضُرُّهُ ﴾ فى الدنيا إن لم يعبده ﴿ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ ﴾ فى الآخرة إن عبده ﴿ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ ﴾ [آية: ١٢] يعنى الطويل.﴿ يَدْعُوا ﴾ يعنى يعبد ﴿ لَمَنْ ضَرُّهُ ﴾ فى الآخرة ﴿ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ ﴾ فى الدنيا ﴿ لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ ﴾ يعنى الولى ﴿ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ ﴾ [آية: ١٣] يعنى الصاحب، كقوله سبحانه:﴿ ... وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ... ﴾[النساء: ١٩] يعنى وصاحبوهن بالمعروف.