قوله عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ ﴾ يعنى آدم صلى الله عليه وسلم ﴿ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ ﴾ [آية: ١٢] والسلالة: إذا عصر الطين انسل الطين والماء من بين أصابعه.﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً ﴾ يعنى ذرية آدم ﴿ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ﴾ [آية: ١٣] يعنى الرحم: تمكن النطفة فى الرحم ﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً ﴾ يقول: تحول الماء فصار دماً ﴿ فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً ﴾ يعنى فتحول الدم فصار لحماً مثل المضغة ﴿ فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ ﴾ يقول: خلقناه.
﴿ خَلْقاً آخَرَ ﴾ يعنى الروح ينفخ فيه بعد خلقه،" فقال عمر بن الخطاب، رضى الله عنه: قبل أن يتم النبى صلى الله عليه وسلم الآية: ﴿ تَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ ﴾، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت يا عمر "﴿ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ ﴾ [آية: ١٤] يقول: هو أحسن المصورين، يعني من الذين خلقوا التماثيل وغيرها التى لا يتحرك منها شىء ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ ﴾ الخلق بعد ما ذكر من تمام خلق الإنسان ﴿ لَمَيِّتُونَ ﴾ [آية: ١٥] عند آجالكم ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ ﴾ بعد الموت ﴿ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ﴾ [آية: ١٦] يعنى تحيون بعد الموت.﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ ﴾ يعنى سموات غلظ كل سماء مسيرة خمس مائة عام، وبين كل سماء مسيرة خمس مائة عام ﴿ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ ﴾ [آية: ١٧] يعنى عن خلق السماء وغيره ﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ ﴾ ما يكفيكم من المعيشة، يعنى العيون ﴿ فَأَسْكَنَّاهُ ﴾ يعنى فجعلنا ﴿ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ﴾ [آية: ١٨] فيغور فى الأرض، يعنى فلا يقدر عليه.﴿ فَأَنشَأْنَا ﴾ يعنى فخلقنا ﴿ لَكُمْ بِهِ ﴾ بالماء ﴿ جَنَّاتٍ ﴾ يعنى البساتين ﴿ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [آية: ١٩]، ثم قال: ﴿ وَ ﴾ خلقنا ﴿ وَشَجَرَةً ﴾ يعنى الزيتون، وهو أول زيتونة خلقت ﴿ تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ ﴾ يقول: تنبت فى أصل الجبل الذى كلم الله، عز وجل، عليه موسى، عليه السلام.
﴿ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ ﴾ يعنى تخرج بالذى فيه الدهن، يقول: هذه الشجرة تشرب الماء، وتخرج الزيت، فجعل الله، عز وجل، فى هذه الشجرة أدماً ودهناً ﴿ وَ ﴾ هى ﴿ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ ﴾ [آية: ٢٠] وكل جبل يحمل الثمار، فهو سيناء يعنى الحسن.﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ ﴾ يعنى الإبل والبقر والغنم ﴿ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا ﴾ يعنى اللبن ﴿ وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ ﴾ يعنى فى ظهورها وألبانها وأوبارها وأصوافها وأشعارها ﴿ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [آية: ٢١] يعنى من النعم، ثم قال: ﴿ وَعَلَيْهَا ﴾ يعنى الإبل ﴿ وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ﴾ [آية: ٢٢] على ظهورها فى أسفاركم، ففى هذا الذى ذكر من هؤلاء الآيات عبرة فى توحيد الرب، عز وجل.


الصفحة التالية
Icon