فى قولهم إن الملائكة بنات الله، عز وجل، يقول الله تعالى: ﴿ مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ ﴾ يعنى الملائكة ﴿ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ ﴾ يعنى من شريك، فلو كان معه إله ﴿ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ﴾ كفعل ملوك الدنيا يلتمس بعضهم قهر بعض، ثم نزه الرب نفسه، جل جلاله، عن مقاتلهم فقال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [آية: ٩١] يعنى عما يقولون بأن الملائكة بنات الرحمن ﴿ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ﴾ يعنى غيب ما كان، وما يكون، والشهادة ﴿ فَتَعَالَىٰ ﴾ يعنى فارتفع ﴿ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [آية: ٩٢] لقولهم الملائكة بنات الله ﴿ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ ﴾ [آية: ٩٣] من العذاب، يعنى القتل ببدر، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم أراد أن يدعو على كفار مكة، ثم قال: ﴿ رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ ﴾ [آية: ٩٤] ﴿ وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ ﴾ من العذاب ﴿ لَقَادِرُونَ ﴾ [آية: ٩٥] ثم قال الله عز وجل يعزى نبيه صلى الله عليه وسلم ليصبر على الأذى: ﴿ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ ﴾ نزلت فى النبى صلى الله عليه وسلم ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾ [آية: ٩٦] من الكذب. ثم أمره أن يتعوذ من الشيطان، فقال تعالى: ﴿ وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ ﴾ [آية: ٩٧] يعنى الشياطين فى أمر أبى جهل.
﴿ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ ﴾ [آية: ٩٨] ﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ ﴾ يعنى الكفار ﴿ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ ﴾ [آية: ٩٩] إلى الدنيا حين يعاين ملك الموت يؤخذ بلسانه، فينظر إلى سيئاته قبل الموت، فلما هجم على الخزى سأل الرجعة إلى الدنيا ليعمل صالحاً فيما ترك، فذلك قوله سبحانه: ﴿ رَبِّ ٱرْجِعُونِ ﴾ إلى الدنيا ﴿ لَعَلِّيۤ ﴾ يعنى لكى ﴿ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ من العمل الصالح، يعنى الإيمان، يقول عز وجل: ﴿ كَلاَّ ﴾ لا يرد إلى الدنيا.﴿ ثم استأنف فقال: { إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا ﴾ يعنى بالكلمة قوله: ﴿ رَبِّ ٱرْجِعُونِ ﴾، ثم قال سبحانه: ﴿ وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ ﴾ يعنى ومن بعد الموت أجل ﴿ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [آية: ١٠٠] يعنى يحشرون بعد الموت.


الصفحة التالية
Icon