﴿ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ ﴾ يقول: الله هادي أهل السموات والأرض، ثم انقطع الكلام، وأخذ في نعت نبيه صلى الله عليه وسلم وما ضرب له من المثل، فقال سبحانه: ﴿ مَثَلُ نُورِهِ ﴾ مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان مستودعاً في صلب أبيه عبد الله بن عبد المطلب ﴿ كَمِشْكَاةٍ ﴾ يعني بالمشكاة الكوة ليست بالنافذة ﴿ فِيهَا مِصْبَاحٌ ﴾ يعني السراج ﴿ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ﴾ الصافية تامة الصفاء، يعني بالمشكاة صلب عبد الله أبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويعني بالزجاجة جسد محمد صلى الله عليه وسلم، ويعني بالسراج الإيمان في جسد محمد صلى الله عليه وسلم، فلما خرجت الزجاجة فيها المصباح من الكوة صارت الكوة مظلمة، فذهب نورها، والكوة مثل عبد الله، ثم شبه الزجاجة بمحمد صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء، عليهم السلام، لا خفاء فيه كضوء الكوكب الدري، وهو الزهرة في الكوكب، ويقال: المشتري وهو البرجرس بالسريانية.
﴿ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾ يعني بالشجرة المباركة إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم، يقول: يوقد محمد من إبراهيم، عليهما السلام، وهو من ذريته، ثم ذكر إبراهيم، عليه السلام، فقال سبحانه: ﴿ زَيْتُونَةٍ ﴾ قال: طاعة حسنة ﴿ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ ﴾ يقول: لم يكن إبراهيم، عليه السلام، يصلي قبل المشرق كفعل النصارى، ولا قبل المغرب كفعل اليهود، ولكنه كان يصلي قبل الكعبة، ثم قال: ﴿ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ﴾ يعني إبراهيم يكاد علمه يضىء. وسمعت من يحكي، عن أبي صالح في قوله تعالى: ﴿ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ ﴾ قال: يكاد محمد صلى الله عليه وسم أن يتكلم بالنبوة قبل أن يوحى إليه، يقول: ﴿ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ﴾ يقول: ولو لم تأته النبوة لكانت طاعته مع طاعة الأنبياء، عليهم السلام، ثم قال عز وجل: ﴿ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ﴾ قال محمد صلى الله عليه وسلم نبي خرج من صلب نبي، يعني إبراهيم، عليهما السلام.
﴿ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ ﴾ قال: يهدى الله لدينه من يشاء من عباده، وكأن الكوة مثلً لعبد الله بن عبد المطلب، ومثل السراج مثل الإيمان، ومثل الزجاجة مثل جسد محمد صلى الله عليه وسلم، ومثل الشجرة المباركة مثل إبراهيم، عليهما السلام، فذلك قوله عز وجل: ﴿ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ ﴾ [آية: ٣٥].
﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ ﴾ يقول: أمر الله، عز وجل، أن ترفع، يعني أن تبنى، أمر الله عز وجل برفعها وعمارتها ﴿ وَ ﴾ أمر أن ﴿ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ ﴾ يعني يوحد الله عز وجل نظيرها في البقرة: ﴿ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ ﴾ [آية: ٣٦] يقول: يصلي لله عز وجل.﴿ رِجَالٌ ﴾ فيها تقديم بالغدو والعشي، ثم نعتهم، فقال سبحانه: ﴿ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ﴾ يعني شراء ﴿ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ ﴾ يعني الصلوات المفروضة ﴿ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ ﴾ يقول: لا تلهيهم التجارة عن إقام الصلاة، وإعطاء الزكاة، ثم أخبر عنهم، فقال سبحانه: ﴿ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ ﴾ حين زالت من أماكنها من الصدور فنشبت في حلوقهم عند الحناجر، قال: ﴿ وَٱلأَبْصَارُ ﴾ [آية: ٣٧] يعني تقلب أبصارهم فتكون زرقاً.﴿ لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا ﴾ يعني الذي ﴿ عَمِلُواْ ﴾ من الخير ولهم مساوئ، فلا يجزيهم بها ﴿ وَيَزِيدَهُمْ ﴾ على أعمالهم ﴿ مِّن فَضْلِهِ ﴾ فضلا على أعمالهم ﴿ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آية: ٣٨] يقول الله تعالى: ليس فوقي ملك يحاسبني، أنا الملك، أعطي من شئت بغير حساب، لا أخاف من أحد يحاسبني.