﴿ قُلْ ﴾ لكفار مكة: ﴿ أَذٰلِكَ ﴾ الذى ذكر من النار ﴿ خَيْرٌ ﴾ أفضل ﴿ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ﴾ يعنى التى لا انقطاع لها ﴿ ٱلَّتِي وَعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً ﴾ بأعمالهم الحسنة ﴿ وَمَصِيراً ﴾ [آية: ١٥] يعنى مرجعاً.﴿ لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ ﴾ فيها لا يموتون ﴿ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً ﴾ منه فى الدنيا ﴿ مَّسْئُولاً ﴾ [آية: ١٦] يسأله فى الآخرة المتقون إنجاز ما وعدهم فى الدنيا، وهى الجنة.
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ ﴾ يعنى يجمعهم، يعنى كفار مكة ﴿ وَ ﴾ يحشر ﴿ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ ﴾ من الملائكة ﴿ فَيَقُولُ ﴾ للملائكة: ﴿ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ ﴾ يقول: أنتم أمرتموهم بعبادتكم؟ ﴿ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ ﴾ [آية: ١٧] يقول: أو هم أخطأوا طريق الهدى، فتبرأت الملائكة. فـ ﴿ قَالُواْ سُبْحَانَكَ ﴾ نزهوه تبارك وتعالى أن يكون معه آلهة ﴿ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ ﴾ يعنى ما لنا أن نتخذ من دونك ولياً أنت ولينا من دونهم.
﴿ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ ﴾ يعنى كفار مكة ﴿ وَ ﴾ متعت ﴿ وَآبَآءَهُمْ ﴾ من قبلهم ﴿ حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذِّكْرَ ﴾ يقول: حتى تركوا إيماناً بالقرآن ﴿ وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً ﴾ [آية: ١٨] يعنى هلكى. يقول الله تعالى لكفار مكة: ﴿ فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ ﴾ الملائكة ﴿ بِمَا تَقُولُونَ ﴾ بأنهم لم يأمروكم بعبادتهم ﴿ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً ﴾ يقول: لا تقدر الملائكة صرف العذاب عنكم ﴿ وَلاَ نَصْراً ﴾ يعنى ولا منعاً يمنعونكم منه ﴿ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ ﴾ يعنى يشرك بالله في الدنيا، فيموت على الشرك ﴿ نُذِقْهُ ﴾ فى الآخرة ﴿ عَذَاباً كَبِيراً ﴾ [آية: ١٩] يعنى شديداً، وكقوله فى بنى إسرائيل: ﴿ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً ﴾ يعنى شديداً.﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾ لقول كفار مكة للنبى صلى الله عليه وسلم: أنه يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق.
﴿ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي ٱلأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً ﴾ ابتلينا بعضاً ببعض، وذلك حين أسلم أبو ذر الغفارى، رضى الله عنه، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وصهيب، وبلال، وخباب بن الأرت، وجبر مولى عامر بن الحضرمى، وسالم مولى أبى حذيفة، والنمر بن قاسط، وعامر بن فهيرة، ومهجع بن عبد الله، ونحوهم من الفقراء، فقال أبو جهل، وأمية والوليد، وعقبة، وسهيل، والمستهزءون من قريش: انظروا إلى هؤلاء الذين اتبعوا محمداً صلى الله عليه وسلم من موالينا وأعواننا رذالة كل قبيلة فازدروهم، فقال الله تبارك وتعالى لهؤلاء الفقراء من العرب والموالى: ﴿ أَتَصْبِرُونَ ﴾؟ على الأذى والاستهزاء ﴿ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً ﴾ [آية: ٢٠] أن تصبروا، فصبروا ولم يجزعوا، فأنزل الله عز وجل فيهم:﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ ﴾على الأذى والاستهزاء من كفار قريش﴿ أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ ﴾[المؤمنون: ١١١] يعنى الناجين من العذاب.