﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ ﴾ يعنى ماء المالح على ماء العذب.
﴿ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ﴾ يعنى تبارك وتعالى خلداً طيباً ﴿ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ﴾ يعنى مراً من شدة الملوحة.
﴿ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ﴾ يعنى أجلاً ﴿ وَحِجْراً مَّحْجُوراً ﴾ [آية: ٥٣] يعنى حجاباً محجوباً، فلا يختلطان، ولا يفسد طعم الماء العذب.﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً ﴾ يعنى النطفة إنساناً ﴿ فَجَعَلَهُ ﴾ يعنى الإنسان ﴿ نَسَباً وَصِهْراً ﴾ أما النسب فالقرابة له خمس نسوة، أمهاتكم اللاتى أرضعنكم، وأخواتكم من الرضاعة، وأمهات نسائكم، وربائبكم اللائى فى حجوركم من نسائكم، اللائى دخلتم بهن، فإن لم تكونوا دخلتم بهن، فلا جناح عليكم، وحلائل أبنائكم، فهذا من الصهر، ثم قال تعالى: ﴿ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً ﴾ [آية: ٥٤] على ما أراده.﴿ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ ﴾ من الملائكة ﴿ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ ﴾ فى الآخرة إن عبدوهم ﴿ وَلاَ يَضُرُّهُمْ ﴾ فى الدنيا إذا لم يعبدوهم ﴿ وَكَانَ ٱلْكَافِرُ ﴾ يعنى أبا جهل ﴿ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً ﴾ [آية: ٥٥] يعنى معيناً للمشركين على ألا يوحدوا الله عز وجل.﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً ﴾ بالجنة ﴿ وَنَذِيراً ﴾ [آية: ٥٦] من النار ﴿ قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ ﴾ يعنى على الإيمان ﴿ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً ﴾ [آية: ٥٧] لطاعته.﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ ﴾ وذلك حين دعى النبى صلى الله عليه وسلم إلى ملة آبائه ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ﴾ أى بحمد ربك، يقول: واذكر بأمره.
﴿ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً ﴾ [آية: ٥٨] يعنى بذنوب كفار مكة، فلا أحد أخبر، ولا أعلم بذنوب العباد من الله عز وجل. ثم عظم نفسه تبارك وتعالى، فقال عز وجل: ﴿ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ﴾ قبل ذلك ﴿ ٱلرَّحْمَـٰنُ ﴾ جل جلاله ﴿ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً ﴾ [آية: ٥٩] يعنى فاسأل بالله خبيراً يا من تسأل عنه محمداً.﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ﴾ لكفار مكة ﴿ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ ﴾ عز وجل، وذلك" أن أبا جهل قال: يا محمد، إن كنت تعلم الشعر، فنحن عارفون لك، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " الشعر غير هذا، إن هذا كلام الرحمن "، عز وجل، قال أبو جهل: بخ بخ أجل، لعمر الله، إنه لكلام الرحمن الذى باليمامة، فهو يعلمك، قال النبى صلى الله عليه وسلم: " الرحمن هو الله عز وجل، الذى فى السماء ومن عنده يأتى جبريل، عليه السلام ". فقال أبو جهل: يا آل غالب، من يعذرنى من أبن أبى كبشة، يزعم أن ربه واحد، وهو يقول: الله يعلمنى، والرحمن يعلمنى، ألستم تعلمون أن هذين إلهين؟ قال الوليد بن المغيرة، وعتبة، وعقبة: ما نعلم الله والرحمن إلا اسمين، فأما الله فقد عرفناه، وهو الذى خلق ما نرى، وأما الرحمن فلا نعلمه إلا مسيلمة الكذاب، ثم قال: يا ابن أبى كبشة، تدعو إلى عبادة الرحمن الذى باليمامة "فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ ﴾ يعنى صلوا للرحمن ﴿ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ ﴾ فأنكروه ﴿ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا ﴾ يعنى نصلى للذى تأمرنا، يعنون مسيلمة ﴿ وَزَادَهُمْ نُفُوراً ﴾ [آية: ٦٠] يقولك زادهم ذكر الرحمن تباعداً من الإيمان.