﴿ قَالَ ﴾ فرعون لهم: ﴿ إِنَّ رَسُولَكُمُ ﴾ يعنى موسى ﴿ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾ [آية: ٢٧] ﴿ قَالَ ﴾ موسى: هو ﴿ رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ ﴾ يعنى مشرق ومغرب يوم، يستوى الليل والنهار فى السنة يومين، ويسمى البرج الميزان، ثم قال: ﴿ وَمَا بَيْنَهُمَآ ﴾ يعنى ما بين المشرق والمغرب من جبل أو بناء، او شجر، أو شىء.
﴿ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [آية: ٢٨] توحيد الله عز وجل.﴿ قَالَ ﴾ فرعون: ﴿ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي ﴾ يعنى رباً ﴿ لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ ﴾ [آية: ٢٩] يعنى من المحبوسين. ﴿ قَالَ ﴾ موسى: ﴿ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُّبِينٍ ﴾ [آية: ٣٠] يعنى بأمر بين، يعنى اليد والعصا، يستبين لك أمرى فتصدقنى. ﴿ قَالَ ﴾ فرعون: ﴿ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ ﴾ [آية: ٣١] بأنك رسول رب العالمين إلينا.﴿ فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ ﴾ وفى يد موسى، عليه السلام، عصاه، وكانت من الآس، قال ابن عباس: إن جبريل دفع العصا إلى موسى، عليهما السلام، بالليل حين توجه إلى مدين وكان آدم، عليه السلام، أخرج بالعصا من الجنة، فلما مات آدم قبضها جبريل، عليه السلام، فقال موسى لفرعون: ما هذه بيدى؟ قال فرعون: هذه عصا، فألقاها موسى من يده ﴿ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴾ [آية: ٣٢] يعنى حية ذكر أصفر أشعر العنق عظيم ملأ الدار عظيماً، قائم على ذنبه يتملظ على فرعون وقومه يتوعدهم، قال فرعون: خذها يا موسى، مخافة أن تبتلعه، فأخذ بذنبهان فصارت عصاً مثل ما كانت، قال فرعون: هل من آية أخرى غيرها؟ قال موسى: نعم، فأبرز يده، قال لفرعون: ما هذه؟ قال فرعون: هذه يدك، فأدخلها فى جيبه وهى مدرعة مصرية من صوف.﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ ﴾ يعنى أخرج يده من المدرعة ﴿ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴾ [آية: ٣٣] لها شعاع مثل شعاع الشمس من شدة بياضها يغشى البصر. ﴿ قَالَ ﴾ فرعون ﴿ لِلْمَلإِ ﴾ يعنى الأشراف ﴿ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا ﴾ يعنى موسى ﴿ لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [آية: ٣٤] بالسحر. ﴿ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ ﴾ يعنى مصر ﴿ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾ [آية: ٣٥] يقول: فماذا تشيرون علىّ، فرد عليه الملأ من قومه، يعنى الأشراف.﴿ قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ ﴾ يقول: احبسهما جميعاً، ولا تقتلهما، حتى ننظر ما أمرهما.
﴿ وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ ﴾ يعنى فى القرى ﴿ حَاشِرِينَ ﴾ [آية: ٣٦] يحشرون عليك السحرة. فذلك قوله سبحانه: ﴿ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ﴾ [آية: ٣٧] يعنى عالم بالسحر. ﴿ فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ﴾ [آية: ٣٨] يعنى موقت، وهو يوم عيدهم، وهو يوم الزينة، وهم اثنتان وسبعون ساحراً من أهل فارس، وبقيتهم من بنى إسرائيل.﴿ وَقِيلَ لِلنَّاسِ ﴾ يعنى لأهل مصر ﴿ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ ﴾ [آية: ٣٩] إلى السحرة ﴿ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ ﴾ على أمرهم ﴿ إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَالِبِينَ ﴾ [آية: ٤٠] لموسى وأخيه، واجتمعوا، فقال موسى للساحر الأكبر: تؤمن بى إن غلبتك؟ قال الساحر: لآتين بسحر لا يغلبه سحر، فإن غلبتنى لأومنن بك، وفرعون ينظر إليهما، ولا يفهم ما يقولان.﴿ فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً ﴾ يعنى جعلاً ﴿ إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ ﴾ [آية: ٤١] لموسى وأخيه. ﴿ قَالَ ﴾ فرعون: ﴿ نَعَمْ ﴾ لكم الجعل ﴿ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ ﴾ [آية: ٤٢] عندى فى المنزلة سوى الجعل. ﴿ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ ﴾ ما فى أيديكم من الحبال والعصى ﴿ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ ﴾ [آية: ٤٣] ﴿ فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ ﴾ يعنى بعظمة فرعون، كقولهم لشعيب:﴿ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ﴾[هود: ٩١]، يعنى بعظيم.﴿ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَالِبُونَ ﴾ [آية: ٤٤] فإذا هى حيات فى أعين الناس، وفىعين موسى وهارون تسعى إلى موسى وأخيه، وإنما هى حبال وعصى لا تحرك، فخاف موسى، فقال جبريل لموسى، عليه السلام: ألق عصاكن فإذا هى حية عظيمة سدت الأفق برأسها، وعلقت ذنبها فى قبة لفرعون طول القبة سبعون ذراعاً فى السماء، وذلك فى المحرم يوم السبت لثمانى ليال خلون من المحرم، ثم إن حية موسى فتحت فاها، فجعلت تلقم تلك الحيات، فلم يبق منها شىء. فذلك قوله عز وجل: ﴿ فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ [آية: ٤٥] يعنى فإذا هى تلقم ما يكذبون من سحرهم، ثم أخذ موسى، عليه السلام، بذبها فإذا هى عصا كما كانت، فقال السحرة بعضهم لبعض: لو كان هذا سحر لبقيت الحبال والعصى. فذلك قوله عز وجل: ﴿ فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴾ [آية: ٤٦] الله عز وجل.


الصفحة التالية
Icon