﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ ﴾ يعنى غيطة الشجر، كان أكثر الشجرة الدوم، وهو المقل ﴿ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾ [آية: ١٧٦] يعنى كذبوا شعيباً، عليه السلام، وحده، وشعيب بن نويب ابن مدين بن إبراهيم، خليل الرحمن.﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ ﴾ ولم يكن شعيب من نسبهم، فلذلك لم يقل عز وجل أخوهم شعيب، وقد كان أرسل إلى أمة غيرهم أيضاً إلى ولد مدين، وشعيب من نسائهم، فمن ثم قال فى هذه السورة: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ ﴾ ولم يقل أخوهم، لأنه ليس من نسلهم ﴿ أَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ [آية: ١٧٧] يقول: ألا تخشون الله عز وجل؟﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [آية: ١٧٨] ﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [آية: ١٧٩] فيما آمركم به من النصيحة ﴿ وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ ﴾ يعنى على الإيمان ﴿ مِنْ أَجْرٍ ﴾ يعنى من جعل ﴿ إِنْ أَجْرِيَ ﴾ يعنى ما جزائى ﴿ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ [آية: ١٨٠].
﴿ أَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ ﴾ ولا تنقصوه ﴿ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُخْسِرِينَ ﴾ [آية: ١٨١] يعنى من المنقصين للكيل ﴿ وَزِنُواْ بِٱلْقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ﴾ [آية: ١٨٢] يعنى بالميزان المستقيم، والميزان بلغة الروم القسطاس.
﴿ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ ﴾ يقول: ولا تنقصوا الناس حقوقهم فى الكيل والميزان.
﴿ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ يعنى ولا تسعوا فى الأرض ﴿ مُفْسِدِينَ ﴾ [آية: ١٨٣] بالمعاصى.﴿ وَٱتَّقُواْ ﴾ يقول: واخشوا أن يعذبكم فى الدنيا ﴿ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ وَ ﴾ خلق ﴿ وَٱلْجِبِلَّةَ ﴾ يعنى الخليقة ﴿ ٱلأَوَّلِينَ ﴾ [آية: ١٨٤] يعنى الأمم الخالية الذين عذبوا فى الدنيا قوم نوح وصالح، وقوم لوط.﴿ قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ ﴾ [آية: ١٨٥] يعنى أنت بشر مثلنا لست بملك، ولا رسول، فذلك قوله سبحانه: ﴿ وَمَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ لا تفضلنا فى شىء فنتبعك.
﴿ وَإِن نَّظُنُّكَ ﴾ يقول: وقد نحسبك يا شعيب.
﴿ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ ﴾ [آية: ١٨٦] يعنى حين تزعم أنك نبى رسول.﴿ فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً ﴾ يعنى جانباً ﴿ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ ﴾ [آية: ١٨٧] بأن العذاب نازل بنا لقوله فى هود:﴿ وَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ ﴾[هود: ٨٤].
﴿ قَالَ ﴾ شعيب: ﴿ رَبِّيۤ أَعْلَمُ ﴾ من غيره ﴿ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ١٨٨] من نقصان الكيل والميزان.
﴿ فَكَذَّبُوهُ ﴾ بالعذاب.
﴿ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ ﴾ وذلك أن الله عز وجل كان حبس عنهم الريح والظل، فأصابهم حر شديد، فخرجوا من منازلهم، فرفع الله عز وجل سحابة فيها عذاب بعد ما أصابهم الحر سبعة أيام، فانقلبوا ليستظلوا تحتها، فأهلكهم الله عز وجل حراً وغماً تحت السحابة، فذلك قوله عز وجل: ﴿ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [آية: ١٨٩] لشدته.


الصفحة التالية
Icon