﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً ﴾ إن فى هلاكهم بالحر والغم لعبرة لمن بعدهم، يحذر كفار مكة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال عز وجل: ﴿ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [آية: ١٩٠] يعنى لو كان أكثرهم مؤمنين ما عذبوا فى الدنيا ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾ فى نقمته من أعدائه ﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [آية: ١٩١] بالمؤمنين.﴿ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ [آية: ١٩٢] وذلك أنه لما قال كفار مكة: إن محمداً صلى الله عليه وسلم يتعلم القرآن من أبى فكيهة، ويجىء به الرى، وهو شيطان، فيلقيه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فأكذبهم الله تعالى، فقال عز وجل: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ يعنى القرآن ﴿ نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ ﴾ [آية: ١٩٣] يعنى جبريل، عليه السلام، أمين فيما استودعه الله عز وجل من الرسالة إلى الأنبياء، عليهم السلام، نزله ﴿ عَلَىٰ قَلْبِكَ ﴾ ليثبت به قلبك يا محمد.
﴿ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ ﴾ [آية: ١٩٤].
أنزله ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ﴾ [آية: ١٩٥] ليفقهوا ما فيه لقوله، إنما يعلمه أبو فكيهة، وكان أبو فكيهة أعجمياً، ثم قال سبحانه: ﴿ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ ﴾ [آية: ١٩٦] يقول: أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونعته فى كتب الأولين. ثم قال: ﴿ أَوَ لَمْ يَكُن ﴾ محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ لَّهُمْ آيَةً ﴾ يعنى لكفار مكة ﴿ أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾ [آية: ١٩٧] يعنى ابن سلام وأصحابه.
﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ ﴾ يعنى القرآن ﴿ عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ ﴾ [آية: ١٩٨] يعنى أبا فكيهة، يقول: لو أنزلناه على رجل ليس بعربى اللسان ﴿ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم ﴾ على كفار مكة، لقالوا: ما نفقه قوله، و ﴿ مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آية: ١٩٩] يعنى بالقرآن مصدقين بأنه من الله عز وجل.
﴿ كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ ﴾ يعنى هكذا جعلنا الكفر بالقرآن ﴿ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴾ [آية: ٢٠٠].
﴿ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ يعنى بالقرآن ﴿ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ ﴾ [آية: ٢٠١] يعنى الوجيع.
﴿ فَيَأْتِيَهُم ﴾ العذاب ﴿ بَغْتَةً ﴾ يعنى فجأة.
﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ [آية: ٢٠٢] فيتمنون الرجعة والنظرة، فذلك قوله سبحانه: ﴿ فَيَقُولُواْ ﴾ يعنى كفار مكة ﴿ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ ﴾ [آية: ٢٠٣] فنعتب ونراجع، فلما أوعدهم النبى صلى الله عليه وسلم العذاب، قالوا: فمتى هذا العذاب؟ تكذيباً به. يقول الله عز وجل: ﴿ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ﴾ [آية: ٢٠٤] ﴿ أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ﴾ [آية: ٢٠٥] فى الدنيا ﴿ ثُمَّ جَآءَهُم ﴾ بعد ذلك العذاب ﴿ مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ ﴾ [آية: ٢٠٦] ﴿ مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ ﴾ من العذاب ﴿ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ ﴾ [آية: ٢٠٧] فى الدنيا.


الصفحة التالية
Icon