ثم خوفهم، فقال سبحانه: ﴿ وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ ﴾ فيما خلا بالعذاب فى الدنيا ﴿ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ ﴾ [آية: ٢٠٨] يعنى رسلاً تنذرهم العذاب بأنه نازل به فى الدنيا ﴿ ذِكْرَىٰ ﴾ يقول: العذاب يذكر ويفكر.
﴿ وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ [آية: ٢٠٩] فنعذب على غير ذنب كان منهم ظلماً، قالت قريش: إنه يجىء بالقرآن الرى، يعنون الشيطان، فيلقيه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فكذبوه بما جاء به. فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ ﴾ [آية: ٢١٠] ﴿ وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ ﴾ إن ينزلوا بالقرآن ﴿ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ [آية: ٢١١] لأنه حيل بينهم وبين السمع بالملائكة والشهب، وذلك أنهم كانوا يستمعون إلى السماء قبل أن يبعث النبى صلى الله عليه وسلم، فلما بعث رمتهم الملائكة بالشهب. فذلك قوله سبحانه: ﴿ إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ﴾ [آية: ٢١٢] بالملائكة والكواكب ﴿ فَلاَ تَدْعُ ﴾ يعنى ﴿ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ ﴾ وذلك حين دعى إلى دين آبائه، فقال: لا تدع يعنى فلا تعبد مع الله إلهاً آخر ﴿ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ ﴾ [آية: ٢١٣] ﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ ﴾ [آية: ٢١٤] لما نزلت هذه الآية قال النبى صلى الله عليه وسلم:" إنى أرسلت إلى الناس عامة، وأرسلت إليكم يا بنى هاشم، وبنى المطلب خاصة، "وهم الأقربون، وهما أخوان ابنا عبد مناف.﴿ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ ﴾ يعنى لين لهم جناحك ﴿ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آية: ٢١٥] ﴿ فَإِنْ عَصَوْكَ ﴾ يعنى بنى هاشم، وبنى عبد المطلب، فلم يجيبوك إلى الإيمان ﴿ فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ٢١٦] من الشرك والكفر.﴿ وَتَوكَّلْ ﴾ يعنى وثق بالله عز وجل ﴿ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ﴾ فى نقمته ﴿ ٱلرَّحِيمِ ﴾ [آية: ٢١٧] بهم حين لا يعجل عليهم بالعقوبة، وذلك حين دعى إلى ملة آبائه، ثم قال سبحانه: ﴿ ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ [آية: ٢١٨] وحدك إلى الصلاة.﴿ وَتَقَلُّبَكَ ﴾ يعنى ويرى ركوعك وسجودك وقيامك فهذا التقلب ﴿ فِي ٱلسَّاجِدِينَ ﴾ [آية: ٢١٩] يعنى ويراك مع المصلين فى جماعة ﴿ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ﴾ لما قالوا حين دع إلى دين آبائه ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾ [آية: ٢٢٠] بما قال كفار مكة.