﴿ إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ ﴾ يعنى امرأته حين رأى النار ﴿ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً ﴾ يقول: إنى رأيت ناراً، وهو نور رب العزة جل ثناؤه، رآه ليلة الجمعة عن يمين الجبل بالأرض المقدسة ﴿ سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ ﴾ أين الطريق، وقد كان تحير وترك الطريق، ثم قال: فإن لم أجد من يخبرنى الطريق.
﴿ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ ﴾ يقول: آتيكم بنار قبسة مضيئة ﴿ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلوُنَ ﴾ [آية: ٧] من البرد.﴿ فَلَمَّا جَآءَهَا ﴾ يعنى النار، وهو نور رب العزة، تبارك وتعالى.
﴿ نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾ يعنى الملائكة ﴿ وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ [آية: ٨] فى التقديم، ثم قال: ﴿ يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا ٱللَّهُ ﴾ يقول: إن النور الذى رأيت أنا ﴿ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾ [آية: ٩] ﴿ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ ﴾ يعنى تحرك ﴿ كَأَنَّهَا جَآنٌّ ﴾ يعنى كأنها كانت حية ﴿ وَلَّىٰ مُدْبِراً ﴾ من الخوف من الحية ﴿ وَلَمْ يُعَقِّبْ ﴾ يعنى ولم يرجع، يقول الله عز وجل: ﴿ يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ ﴾ من الحية ﴿ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ﴾ يعنى عندى ﴿ ٱلْمُرْسَلُونَ ﴾ [آية: ١٠].
﴿ إَلاَّ مَن ظَلَمَ ﴾ نفسه من الرسل، فإنه يخاف، فكان منهم آدم، ويونس، وسليمان، وإخوة يوسف، وموسى بقتله النفس، عليهم السلام.
﴿ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوۤءٍ ﴾ يعنى فمن بدل إحساناً بعد إساءته ﴿ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [آية: ١١].
﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ ﴾ اليمين ﴿ فِي جَيْبِكَ ﴾ يعنى جيب المدرعة من قبل صدره، وهى مضربة ﴿ تَخْرُجْ ﴾ اليد من المدرعة ﴿ بَيْضَآءَ ﴾ لها شعاع كشعاع الشمس ﴿ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ ﴾ يعنى من غير برص، ثم انقطع الكلام، يقول الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ فِي تِسْعِ آيَاتٍ ﴾ يعنى أعطى تسع آيات اليد، والعصا، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والسنين، والطمس، فآيتان منهما أعطى موسى، عليه السلام، بالأرض المقدسة اليد والعصى، حين أرسل إلى فرعون، وأعطى سبع آيات بأرض مصر حين كذبوه، فكان أولها اليد، وآخرها الطمس، يقول: ﴿ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ ﴾ واسمه فيطوس ﴿ وَقَوْمِهِ ﴾ أهل مصر ﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾ [آية: ١٢] يعنى عاصين.﴿ فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً ﴾ يعنى مبينة معاينة يرونها ﴿ قَالُواْ ﴾: يا موسى ﴿ هَـٰذَا ﴾ الذى جئت به ﴿ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ [آية: ١٣] يعنى بين، يقول الله عز وجل: ﴿ وَجَحَدُواْ بِهَا ﴾ يعنى بالآيات، يعنى بعد المعرفة، فيها تقديم ﴿ وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ﴾ أنها من الله عز وجل، وأنها ليست بسحر ﴿ ظُلْماً ﴾ شركاً ﴿ وَعُلُوّاً ﴾ تكبراً ﴿ فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ [آية: ١٤] فى الأرض بالمعاصى، كان عاقتبهم الغرق، وإنما استيقنوا بالآيات أنها من الله، لدعاء موسى ربه أن يكشف عنهم الرجز، فكشفه عنهم، وقد علموا ذلك.