و ﴿ قُلِ ﴾ يا محمد ﴿ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ في هلاك الأمم الخالية، يعني ما ذكر في هذه السورة من هلاك فرعون وقومه، وثمود وقوم لوط، وقل: الحمد لله الذي علمك هذا الأمر الذي ذكر، ثم قال: ﴿ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ ﴾ يعني الذين اختارهم الله عز وجل لنفسه للرسالة، فسلام الله على الأنبياء، عليهم السلام، ثم قال الله عز وجل: ﴿ ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [آية: ٥٩] به، يقول: الله تبارك وتعالى أفضل أم الآلهة التي تعبدونها؟ يعني كفار مكة" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ هذه الآية، قال: " بل، الله خير وأبقى وأجل وأكرم "﴿ أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ﴾ يعني حيطان النخل والشجر ﴿ ذَاتَ بَهْجَةٍ ﴾ يعني ذات حسن ﴿ مَّا كَانَ لَكُمْ ﴾ يعني ما ينبغي لكم ﴿ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا ﴾ فتجعلوا للآلهة نصيباً مما أخرج الله عز وجل لكم من الأرض بالمطر، ثم قال سبحانه استفهام: ﴿ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ﴾ يعينه على صنعه جل جلاله، ثم قال تعالى: ﴿ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾ [آية: ٦٠] يعني يشركون، يعني كفار مكة. ثم قال سبحانه: ﴿ أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً ﴾ يعني مستقراً لا تميد بأهلها ﴿ وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ ﴾ يعني فجر نواحي الأرض ﴿ أَنْهَاراً ﴾ فهى تطرد.
﴿ وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ ﴾ يعني الجبال، فتثبت بها الأرض لئلا تزول بمن على ظهرها.
﴿ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ ﴾ الماء المالح والماء العذب ﴿ حَاجِزاً ﴾ حجز الله عز وجل بينهما بأمره، فلا يختلطان.
﴿ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله ﴾ يعينه على صنعه عز وجل: ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ ﴾ يعني لكن أكثرهم، يعني أهل مكة ﴿ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٦١] بتوحيد ربهم.﴿ أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ ﴾ يعني الضر ﴿ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ﴾ يعينه على صنعه ﴿ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ [آية: ٦٢] يقول: ما أقل ما تذكرون ﴿ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ﴾ يقول: أم من يرشدكم في أهوال ﴿ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ﴾ يقول: يبسط السحاب قدام المطر، كقوله في عسق:﴿ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ﴾[الشورى: ٢٨] يعني ويبسط رحمته بالمطر.
﴿ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ﴾ يعينه على صنعه عز وجل، ثم قال: ﴿ تَعَالَى ٱللَّهُ ﴾ يعني ارتفع الله يعظم نفسه جل جلاله ﴿ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [آية: ٦٣] به من الآلهة. ثم قال تعالى: ﴿ أَمَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ ﴾ يقول: من بدأ الخلق فخلقهم، ولم يكونوا شيئاً، ثم يعيده في الآخرة.
﴿ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ﴾ يعني المطر ﴿ وٱلأَرْضِ ﴾ يعني النبت ﴿ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ﴾ يعينه على صنعه عز وجل.
﴿ قُلْ ﴾ لكفار مكة: ﴿ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ ﴾ يعني هلموا بحجتكم بأنه صنع شيئاً من هذا غير الله عز وجل من الآلة، فتكون لكم الحجة على الله تعالى: ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آية: ٦٤] بأن مع الله آلهة كما زعمتم، يعني الملائكة.


الصفحة التالية
Icon