﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ﴾ بالعذاب في الدنيا ﴿ ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ ﴾ يعني نوحاً، وعاداً، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وقوم شعيب، وغيرهم كانوا قبل موسى، ثم قال عز وجل: ﴿ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ ﴾ يقول: في هلاك الأمم الحالية بصيرة لبني إسرائيل ﴿ وَهُدًى ﴾ يعني التوراة هدى من الضلالة لمن عمل بها.
﴿ وَرَحْمَةً ﴾ لم آمن بها من العذاب ﴿ لَّعَلَّهُمْ ﴾ يعني لكي ﴿ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [آية: ٤٣] فيؤمنوا بتوحيد الله، عز وجل.﴿ وَمَا كُنتَ ﴾ يا محمد ﴿ بِجَانِبِ ﴾ يعني بناحية، كقوله عز وجل﴿ جَانِبَ ٱلْبَرِّ ﴾[الإسراء: ٦٨] يعني ناحية البر ﴿ ٱلْغَرْبِيِّ ﴾ بالأرض المقدسة، والغربى، يعني غربي الجبل حيث تغرب الشمس ﴿ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ ﴾ يقول: إذا عهدنا إلى موسى الرسالة إلى فرعون وقومه.
﴿ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ ﴾ [آية: ٤٤] لذلك الأمر.﴿ وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً ﴾ يعني خلفنا قروناً.
﴿ فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً ﴾ يعني شاهداً ﴿ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ﴾ يعني تشهد مدين، فتقرأ على أهل مكة أمرهم ﴿ وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ [آية: ٤٥] يعني أرسلناك إلى أهل مكة لتخبرهم بأمر مدين.﴿ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ ﴾ يعني بناحية من الجبل الذي كلم الله عز وجل عليه موسى، عليه السلام.
﴿ إِذْ نَادَيْنَا ﴾ يعني إذا كلمنا موسى، وآتيناه التوراة ﴿ وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ﴾ يقول: ولكن القرآن رحمة، يعني نعمة من ربك النبوة اختصصت بها، إذ أوحينا إليك أمرهم لتعرف كفار نبوتك، فذلك قوله: ﴿ لِتُنذِرَ قَوْماً ﴾ يعني أهل مكة بالقرآن ﴿ مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ ﴾ يعني رسولاً ﴿ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ ﴾ يعني لكي ﴿ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [آية: ٤٦] فيؤمنوا.﴿ وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ ﴾ يعني العذاب في الدنيا ﴿ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ من المعاصي، يعني كفار مكة ﴿ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ ﴾ يعني القرآن ﴿ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آية: ٤٧] يعني المصدقين، فيها تقديم، يقول: لولا أن يقولوا: ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك، ونكون من المؤمنين لأصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم.﴿ فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ ﴾ يعني القرآن ﴿ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلاۤ ﴾ يعني هلا ﴿ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ ﴾ يعني أعطي محمد صلى الله عليه وسلم القرآن جملة مكتوبة كما أعطي موسى التوراة ﴿ أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ ﴾ قرآن محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ﴾ يعنون التوراة والقرآن، ومن قرأ " ساحران " يعني موسى ومحمداً، صلى الله عليهما، " تظاهرا "، يعني تعاونا على الضلالة، يقول: صدق كل واحد منهما الآخر.
﴿ وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ﴾ [آية: ٤٨] يعني بالتوراة وبالقرآن لا نؤمن بهما.


الصفحة التالية
Icon