﴿ وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ ﴾ يقول: وما أعطيتم من خير، يعني به كفار مكة ﴿ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ﴾ يقول: تمتعون في أيام حياتكم، فمتاع الحياة الدنيا وزينتها إلى فناء ﴿ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ ﴾ من الثواب ﴿ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﴾ يعني أفضل وأدوم لأهله مما أعطيتم في الدنيا ﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ [آية: ٦٠] أن الباقي خير من الفاني الذاهب.﴿ أَفَمَن وَعَدْنَاهُ ﴾ يعني أفمن وعده الله عز وجل، يعني النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا ﴿ وَعْداً حَسَناً ﴾ يعني الجنة ﴿ فَهُوَ لاَقِيهِ ﴾ فهو معاينه يقول: مصيبة ﴿ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ بالمال ﴿ ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ ﴾ [آية: ٦١] النار، يعني أبا جهل بن هشام، لعنه الله، ليسا بسواء، نظيرها في الأنعام.﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ﴾ يعني كفار مكة ﴿ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ [آية: ٦٢] في الدنيا أن معي شريكاً ﴿ قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ ﴾ يعني وجب عليهم كلمة العذاب وهم الشياطين، حق عليهم القول يوم قال الله تعالى وذكره، لإبليس:﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾[الأعراف: ١٨]، فقالت الشياطين في الآخرة: ﴿ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا ﴾ يعنون كفار بني آدم، يعني هؤلاء الذين أضللناهم كما ضللنا ﴿ تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ ﴾ منهم يا رب ﴿ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ﴾ [آية: ٦٣] فتبرأت الشياطين ممن كان يعبدها.﴿ وَقِيلَ ﴾ لكفار بني آدم ﴿ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ﴾ يقول سلوا الآلهة: أهم الآلهة؟ ﴿ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ ﴾ يقول: سألوهم فلم تجبهم الآلهة، نظيرها في الكهف. يقول الله تعالى: ﴿ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ ﴾ [آية: ٦٤] من الضلالة يقول: لوأنهم كانوا مهتدين في الدنيا ما رأوا العذاب في الآخرة.﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ﴾ يقول: ويوم يسألهم، يعني كفار مكة يسألهم الله عز وجل: ﴿ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾ [آية: ٦٥] في التوحيد ﴿ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ ﴾ يعني الحجج ﴿ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ ﴾ [آية: ٦٦] يعني لا يسأل بعضهم بعضاً عن الحجج، لأن الله تعالى ادحض حجتهم، وأكل ألسنتهم، فذلك قوله تعالى: ﴿ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ ﴾ ﴿ فَأَمَّا مَن تَابَ ﴾ من الشرك ﴿ وَآمَنَ ﴾ يعني وصدق بتوحيد الله عز وجل: ﴿ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَىٰ ﴾ والعسى من الله عز وجل واجب ﴿ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلْمُفْلِحِينَ ﴾ [آية: ٦٧].
﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ ﴾ وذلك أن الوليد قال في " حم " الزخرف:﴿ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾[الزخرف: ٣١] يعني نفسه، وأبا مسعود الثقفي، فذلك قوله سبحانه: ﴿ وَيَخْتَار ﴾ أي للرسالة والنبوة من يشاء، فشاء جل جلاله، لأن يجعلها في النبي صلى الله عليه وسلم، وليست النبوة والرسالة بأيديهم، ولكنها بيد الله عز وجل، ثم قال سبحانه: ﴿ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ ﴾ من أمرهم، ثم نزه نفسه تبارك وتعالى عن قول الوليد حين قال:﴿ أَجَعَلَ ﴾محمد صلى الله عليه وسلم﴿ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾[ص: ٥]، فكفر بتوحيد الله عز وجل، فأنزل الله سبحانه ينزه نفسه عز وجل عن شركهم، فقال: ﴿ سُبْحَانَ ٱللَّهِ وَتَعَالَىٰ ﴾ يعني وارتفع ﴿ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [آية: ٦٨] به غيره عز وجل. ثم قال عز وجل: ﴿ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ ﴾ يعني ما تسر قلوبهم ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [آية: ٦٩] بألسنتهم، نظيرها في النمل، ثم وحد الرب نفسه تبارك وتعالى حين لم يوحده كفار مكة، الوليد وأصحابه. فقال سبحانه: ﴿ وَهُوَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلأُولَىٰ وَٱلآخِرَةِ ﴾ يعني يحمده أولياؤه في الدنيا ويحمدونه في الآخرة، يعني أهل الجنة ﴿ وَلَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [آية: ٧٠] بعد الموت في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم.


الصفحة التالية
Icon