﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ ﴾ يعني من بني إسرائيل، وكان ابن عمه، قارون بن أصهر بن قوهث بن لاوي بن يعقوب، وموسى بن عمران بن قوهث ﴿ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ﴾ يقول: بغى قارون على بني إسرائيل من أجل كنزه ما له ﴿ وَآتَيْنَاهُ ﴾ يعني وأعطيناه ﴿ مِنَ ٱلْكُنُوزِ ﴾ يعني من الأموال ﴿ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ ﴾ يعني خزائنه ﴿ لَتَنُوءُ بِٱلْعُصْبَةِ أُوْلِي ٱلْقُوَّةِ ﴾ والعصبة من عشرة أنفار إلى أربعين، فإذا كانوا أربعين فهم أولو قوة يقول: لتعجز العصبة أولي القوة عن حمل الخزائن ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ ﴾ بنو إسرائيل: ﴿ لاَ تَفْرَحْ ﴾ يقول: لا تمرح ولا تبطر ولا تفخر بما أوتيت من الأموال.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ ﴾ [آية: ٧٦] يعني المرحين البطرين.﴿ وَ ﴾ قالوا له: ﴿ وَٱبْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ ٱللَّهُ ﴾ يعني فيما أعطاك الله عز وجل من الأموال والخير.
﴿ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ ﴾ يعني دار الجنة ﴿ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ ﴾ يعني ولا تترك حظك ﴿ مِنَ ٱلدُّنْيَا ﴾ أن تعمل فيها لآخرتك.
﴿ وَأَحْسِن ﴾ العطية في الصدقة والخير فيما يرضى الله عز وجل: ﴿ كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ ﴾ بإحسان الله إليك ﴿ ٱلْفَسَادَ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ يقول: لا تعمل فيها بالمعاصي.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ [آية: ٧٧].
فرد قارون على قومه حين أمروه أن يطيع الله عز وجل في ماله، وفيما أمره أن يطيع الله عز وجل في ماله، وفيما أمره، فـ ﴿ قَالَ ﴾ لهم: ﴿ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ ﴾ يعني إنما أعطيته، يعني المال ﴿ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ ﴾ يقول: على خير علمه الله عز وجل عندي، يقول الله عز وجل: ﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمْ ﴾ قارون ﴿ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ ﴾ بالعذاب ﴿ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ ﴾ حين كذبوا رسلهم ﴿ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ ﴾ من قارون ﴿ قُوَّةً ﴾ وبطشاً ﴿ وَأَكْثَرُ جَمْعاً ﴾ من الأموال، منهم نمروذ الجبار وغيره، ثم قال عز وجل: ﴿ وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ ﴾ [آية: ٧٨] يقول: ولا يسأل مجرمو هذه الأمة عن ذنوب الأمم الخالية الذين عذبوا في الدنيا، فإن الله عز وجل قد أحصى أعمالهم الخبيثة وعلمها.﴿ فَخَرَجَ ﴾ قارون ﴿ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ﴾ قومه بني إسرائيل، الزينة، يعني الشارة الحسنة خرج على بغلة شهباء عليها سرج من ذهب عليه الأرجوان، ومعه آلاف فارس على الخيل عليهم وعلى دوابهم الأرجوان، ومعه ثلاث مائة جارية بيض عليهن الحلي والثياب الحمر على البغال الشهب، فلما نظر المؤمنون إلى تلك الزينة والجمال.
﴿ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا ﴾ وهم أهل التوحيد ﴿ يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ ﴾ يعني مثل ما أعطي ﴿ قَارُونُ ﴾ من الأموال.
﴿ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [آية: ٧٩] يقول: إنه لذو نصيب وافر في الدنيا.