ثم قال للنبى صلى الله عليه وسلم: إن لم يوحد كفار مكة ربهم، فوحد أنت ربك يا محمد.
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ﴾ يعنى فأخلص دينك الإسلام لله عز وجل ﴿ حَنِيفاً ﴾ يعنى مخلصاً ﴿ فِطْرَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا ﴾ يعنى ملة الإسلام التوحيد الذى خلقهم عليه، ثم أخذ الميثاق من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم، وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى ربنا، وأقروا له بالربوبية والمعرفة له تبارك وتعالى، ثم قال سبحانه: ﴿ لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ﴾ يقول: لا تحويل لدين الله عز وجل الإسلام ﴿ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ ﴾ يعنى التوحيد وهو الدين المستقيم.
﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ ﴾ يعنى كفار مكة ﴿ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٣٠] توحيد الله عز وجل. ثم أمرهم بالإنابة من الكفر وأمرهم بالصلاة، فقال عز وجل ﴿ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ﴾ يقول: راجعين إليه من الكفر إلى التوحيد لله تعالى ذكره.
﴿ وَٱتَّقُوهُ ﴾ يعنى واخشوه.
﴿ وَأَقِيمُواْ ﴾ يعنى وأتموا ﴿ ٱلصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾ [آية: ٣١] يقول: لكفار مكة كونوا من الموحدين لله عز وجل ولا تكونوا: ﴿ مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ ﴾ يعنى أهل الأديان فرقوا دينهم الإسلام.
﴿ وَكَانُواْ شِيَعاً ﴾ يعنى أحزاباً فى الدين يهود ونصارى ومجوس وغيره ونحو ذلك.
﴿ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [آية: ٣٢] كل أهل ملة بما عندهم من الدين راضون به.﴿ وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ ﴾ يعنى كفار مكة ضر، يعنى السنين، وهو الجوع، يعنى قحط المطر عليهم سبع سنين.
﴿ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ﴾ يقول: عز وجل راجعين إليه يدعونه أن يكشف عنهم الضر، لقوله تعالى حم الدخان:﴿ رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ ﴾[الدخان: ١٢] يعنى الجوع﴿ إِنَّا مْؤْمِنُونَ ﴾[الدخان: ١٢].
قال تعالى: ﴿ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً ﴾ يعنى إذا أعطاهم من عنده نعمة، يعنى المطر ﴿ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [آية: ٣٣] يقول: تركوا توحيد ربهم فى الرخاء، وقد وحدوه في الضر.﴿ لِيَكْفُرُواْ ﴾ يعنى لكى يكفروا ﴿ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ ﴾ بالذى أعطيناهم من الخير فى ذهاب الضر عنهم، وهو الجوع، ثم قال سبحانه: ﴿ فَتَمَتَّعُواْ ﴾ قليلاً إلى آجالكم ﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٣٤] هذا وعيد، ثم ذكر شركهم، فقال: ﴿ أَمْ أَنزَلْنَا ﴾ وأم هاهنا صلة على أهل مكة، يعنى كفارهم ﴿ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً ﴾ يعنى كتاباً من السماء.
﴿ فَهُوَ يَتَكَلَّمُ ﴾ يعنى ينطق ﴿ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ ﴾ [آية: ٣٥] يعنى ينطق بما يقولون من الشرك. ثم ذكرهم أيضاً، فقال سبحانه:﴿ وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ ﴾ كفار مكة ﴿ رَحْمَةً ﴾ يعنى أعطينا كفار مكة رحمة، يعنى المطر ﴿ فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ﴾ بلاء يعنى الجوع أو شدة من قحط سبع سنين ﴿ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ من الذنوب ﴿ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ﴾ [آية: ٣٦] يعنى إذا هم من المطر آيسون، ثم وعظهم ليعتبروا.


الصفحة التالية
Icon