ثم أخبرهم عن خلق أنفسهم ليتفكر المكذب بالعبث في خلق نفسه، فقال عز وجل: ﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ﴾ يعنى من نطفة ﴿ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ ﴾ يعنى شدة تمام خلقه ﴿ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً ﴾ يقول: فجعل من بعد قوة الشباب الهرم ﴿ وَ ﴾ جعل ﴿ وَشَيْبَةً ﴾ يعنى الشمط ﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾ يعنى هكذا يشاء أن يخلق الإنسان كما وصف خلقه، ثم قال: ﴿ وَهُوَ ﴾ يعنى الرب نفسه جلا جلاله ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾ يعنى العالم بالبعث ﴿ ٱلْقَدِيرُ ﴾ [آية: ٥٤] يعنى القادر عليه. ثم قال عز وجل: ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ ﴾ يعنى يوم القيامة ﴿ يُقْسِمُ ﴾ يعنى يحلف ﴿ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ ﴾ في القبور ﴿ غَيْرَ سَاعَةٍ ﴾ وذلك أنهم استلقوا ذلك، يقول الله عز وجل: ﴿ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ ﴾ [آية: ٥٥] يقول: هكذا كانوا يكذبون بالبعث فى الدنيا، كما كذبوا أنهم لم يلبثوا فى قبورهم إلا ساعة.
﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ ﴾ للكفار يوم القيامة: ﴿ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ ﴾ فهذا قول مالك الموت لهم فى الآخرة. ثم قال: ﴿ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ ﴾ الذى كنتم به تكذبون أنه غير كائن ﴿ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٥٦] كم لبثتم في القبور.
﴿ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ﴾ يعنى أشركوا ﴿ مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ [آية: ٥٧] في الآخرة فيعتبون.