﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ ﴾ أعطيناه العلم والفهم من غير نبوة فهذه نعمة، فقلنا له: ﴿ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ ﴾ عز وجل في نعمه، فيما أعطاك من الحكمة.
﴿ وَمَن يَشْكُرْ ﴾ لله تعالى في نعمه، فيوحده ﴿ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ ﴾ يعني فإنما يعمل الخير.
﴿ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ ﴾ النعم، فلم يوحد ربه عز وجل.
﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ ﴾ عن عبادة خلقه ﴿ حَمِيدٌ ﴾ [آية: ١٢] عن خلقه في سلطانه.﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ ﴾ واسم ابنه أنعم ﴿ وَهُوَ يَعِظُهُ ﴾ يعني عز وجل يؤدبه.
﴿ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ ﴾ معه غيره ﴿ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [آية: ١٣] كان ابنه وامرأته كفاراً، فما زال بهما حتى أسلما، وزعموا أن لقمان كان ابن خالة أيوب، صلى الله عليه. حدثنا عبيدالله، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة بن دعامة، قال: كان لقمان رجلاً أفطس من أرض الحبشة، قال هذيل: ولم أسمع مقاتلاً.﴿ وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ ﴾ سعد بن أبي وقاص بوالديه، يعني أباه اسمه مالك، وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ ﴾ حمنة ﴿ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ ﴾ يعني ضعفاً على ضعف ﴿ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِي ﴾ يعني الله عز وجل أن هداه للإسلام ﴿ وَ ﴾ اشكر ﴿ وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ النعم فيما أولياك ﴿ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ ﴾ [آية: ١٤] فأجزيك بعملك. قال تعالى: ﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ لا تعلم بأن معي شريكاً ﴿ فَلاَ تُطِعْهُمَا ﴾ في الشرك ﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً ﴾ يعني بإحسان، ثم قال لسعد، رضي الله عنه: ﴿ وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ يعني دين من أقل إلى، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: ﴿ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ﴾ في الآخرة ﴿ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ١٥] وقال ابن لقمان أنعم لأبيه: يا أبت، إن عملت بالخطيئة حيث لا يرانى أحد كيف يعلمه الله، عز وجل، فرد عليه لقمان، عليه السلام:﴿ يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ ﴾ يعني وزن ذرة ﴿ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ ﴾ التي في الأرض السفلى، وهي خضراء مجوفة لها ثلاث شعب على لون السماء.
﴿ أَوْ ﴾ تكن الحبة ﴿ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ ﴾ السبع ﴿ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ ﴾ يعني بتلك الحبة ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ ﴾ باستخراجها ﴿ خَبِيرٌ ﴾ [آية: ١٦] بمكانها.﴿ يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ ﴾ يعني التوحيد ﴿ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ ﴾ يعني الشر الذي لا يعرف ﴿ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ ﴾ فيهما من الأذى ﴿ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ ﴾ [آية: ١٧] يقول: إن ذلك الصبر على الأذى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من حق الأمور التي أمر الله عز وجل بها، وعزم عليها.﴿ وَ ﴾ قال لقمان لابنه: ﴿ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ﴾ يقول: لا تعرض وجهك عن فقراء الناس إذا كلموك فخراً بالخيلاء والعظمة.
﴿ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [آية: ١٨] يعني عز وجل كل بطر مرح فخور في نعم الله تعالى لا يأخذها بالشكر.﴿ وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ﴾ لا تختل في مشيتك، ولا تبطر حيث لا يحل.
﴿ وَٱغْضُضْ ﴾ يعني واخفض ﴿ مِن صَوْتِكَ ﴾ يعني من كلامك بأمر لقمان ابنه بالاقتصاد في المشي، والمنطق، ثم ضرب للصوت الرفيع، مثلاً، فقال عز وجل ﴿ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ ﴾ [آية: ١٩] يعني أقبح الأصوات لصوت الحمير، لشدة صوتهن تقول العرب: هذا أصوات الحمير، وهذا صوت الحمير، وتقول: هذا صوت الدجاج، وهذا أصوات الدجاج، وتقول: هذا صوت النساء، وأصوات النساء.