﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ ﴾ يقول كما يمتع الرجل امرأته إذا طلقها سوى المهر ﴿ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً ﴾ [آية: ٢٨] يقول: حسناً فى غير ضرار.﴿ وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ ﴾ يعنى الجنة ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً ﴾ [آية: ٢٩] يعنى الجنة. فقالت عائشة بنت أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما، حين خيرهن النبى صلى الله عيله وسلم: بل نختار الله والدار الآخرة، ومالنا وللدنيا إنما جعلت الدنيا دار فناء والآخرة هى الباقية أحب إلينا من الفانية، فرضى نساؤه كلهن بقول عائشة، رضى الله عنها، فلما اخترن الله ورسوله أنزل الله عز وجل:﴿ لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ ﴾إلى آخر الآية [آية: ٥٢].
﴿ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ﴾ يعنى العصيان للنبى صلى الله عليه وسلم ﴿ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ﴾ فى الآخرة ﴿ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً ﴾ [آية: ٣٠] يقول: وكان عذابها على الله هيناً.﴿ وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ يعنى ومن يطع منكن الله ورسوله ﴿ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ ﴾ فى الآخرة بكل صلاة أو صيام أو تكبير أو تسبيح لها مكان كل حسنة يكتب عشرون حسنة ﴿ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً ﴾ [آية: ٣١] يعنى حسناً، وهى الجنة. ثم قال: ﴿ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ ﴾ يعنى الله، فإنكن معشر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم تنظرن إلى الوحى فأنتن أحق الناس بالتقوى ﴿ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ ﴾ يقول: فلا تومين بقول يقارف الفاحشة ﴿ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ يعنى الفجور فى أمر الزنا فزجرهن الله عز وجل عن الكلام مع الرجال وأمرهن بالعفة وضرب عليهن الحجاب ثم قال تعالى: ﴿ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ﴾ [آية: ٣٢] يعنى قولاً حسناً يعرف ولا يقارف الفاحشة، ومن يقذف نبياً، أو امرأة نبى فعليه حدّان سوى التغريب الذى يراه الإمام. ثم قال عز وجل: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ ولا تخرجن من الحجاب ﴿ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ ﴾ والتبرج أنها تلقى الخمار عن رأسها ولا تشده، فيرى قرطها وقلائدها.
﴿ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ ﴾ قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم، مثل قوله:﴿ عَاداً ٱلأُولَىٰ ﴾[النجم: ٥٠] أمرهن أيضاً بالعفة وأمر بضرب الحجاب عليهن، ثم قال: ﴿ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ ﴾ يقول: وأعطين الزكاة ﴿ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ ﴾ يعنى الإثم نهاهن عنه فى هذه الآيات. ومن الرجس الذى يذهبه الله عنهن إنزال الآيات بما أمرهن به. فإن تركهن ما أمرهن به وارتكابهن ما نهاهن عنه من الرجس، فذلك قوله: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ ﴾ يا ﴿ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ ﴾ يعنى نساء النبى صلى الله عليه وسلم لأنهن فى بيته ﴿ وَيُطَهِّرَكُمْ ﴾ من الإثم الذى ذكر فى هذه الآيات ﴿ تَطْهِيـراً ﴾ [آية: ٣٣].
وحدثنى أبى، عن الهذيل، فقال: قال مقاتل بن سليمان: يعنى به نساء النبى صلى الله عليه وسلم كلهن وليس معهن ذكر.﴿ وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ ﴾ يعنى القرآن ﴿ وَٱلْحِكْـمَةِ ﴾ يعنى أمره ونهيه فى القرآن فوعظهن ليتفكرن وامتن عليهن ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ﴾ [آية: ٣٤] يعنى لطيف علهين فنهاهن أن يخضعن بالقول خبيراً به.


الصفحة التالية
Icon