﴿ إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ ﴾ وذلك أن أم سلمة بنت أبى أمية أم المؤمنين، ونسيبة بنت كعب الأنصارى، قلن ما شأن ربنا يذكر بنت أبى أمية ولا يذكر النساء فى شيء من كتابه نخشى أن لا يكون فيهن خير، ولا لله فيهن حاجة، وقد تخلى عنهن. فأنزل الله من تعالى فى قول أم سلمة، ونسيبة بنت كعب ﴿ إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ﴾ يعنى المصدقين بالتوحيد والمصدقات ﴿ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ ﴾ يعنى المطيعين والمطيعات ﴿ وَٱلصَّادِقِينَ ﴾ فى أيمانهم ﴿ وَٱلصَّادِقَاتِ ﴾ فى إيمانهن ﴿ وَٱلصَّابِرِينَ ﴾ على أمر الله عز وجل ﴿ وَٱلصَّابِرَاتِ ﴾ عليه ﴿ وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ ﴾ يعنى المتواضعين والمتواضعات، قال مقاتل: من لا يعرف فى الصلاة من عن يمينه ومن عن يساره من الخشوع لله عز وجل، فهو منهم.﴿ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ ﴾ بالمال ﴿ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ ﴾ به ﴿ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ ﴾ قال مقاتل: من صام شهر رمضان وثلاثة أيام من كل شهر، فهو من الصائمين، فهو من أهل هذه الآية.
﴿ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ ﴾ عن الفواحش ﴿ وَٱلْحَافِـظَاتِ ﴾ من الفواحش ﴿ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً ﴾ باللسان والذاكرات الله كثيراً باللسان ﴿ وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم ﴾ في الآخرة ﴿ مَّغْفِرَةً ﴾ لذنوبهم ﴿ وَأَجْراً ﴾ يعنى وجزاء ﴿ عَظِيماً ﴾ [آية: ٣٥] يعنى الجنة وأنزل الله عز وجل أيضاً فى أم سلمة، رضى الله عنها، فى آخر آل عمران:﴿ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ﴾[آل عمران: ١٩٥] وفى حم المؤمن:﴿ مَنْ عَمِـلَ صَالِحاً مِّن ذَكَـرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ﴾ يعنى عبدالله بن جحش بن رباب بن صبرة بن مرة بن غنم بن دودان الأسدى، ثم قال: ﴿ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ ﴾ يعنى زينب بنت جحش أخت عبدالله بن جحش، وذلك" أن النبى صلى الله عليه سلم خطب زينب بنت جحش على زيد بن حارثة، وزينب هى بنت عمة النبى صلى الله عليه وسلم، وهى بنت أميمة بنت عبدالمطلب، فكره عبدالله أن يزوجها من زيد، وكان زيد أعرابياً فى الجاهلية مولى فى الإسلام، وكان أصابه النبى صلى الله عليه وسلم من سبى أهل الجاهلية، فأعتقه وتبناه، فقالت زينت: لا أرضاه لنفسى، وأنا أتم نساء قريش، وكانت جميلة بيضاء، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " قد رضيته لك "، فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ﴾ يعنى عبدالله بن جحش.
﴿ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ ﴾ يعنى زينب ﴿ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ وذلك أن زيد بن حارثة الكلبى، قال: يا نبى الله، أخطب علىّ، فقال النبيّ صلى لله عليه وسلم: " ومن يعجبك من النساء "؟ فقال: زينب بنت جحش، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " لقد أصبت أن لا نألو غير الحسن والجمال، وما أذادها بفعل أنها أكرم من ذلك نفساً ". فقال زيد: يا نبى الله، إنك إذا كلمتها، وتقول: إن زيداً أكرم الناس علىّ، فإن هذه امرأة حسناء، وأخشى أن تردنى، فذلك أعظم في نفسى من كل شىء، وعمد زيد إلى علىّ، رضى الله عنه، فحمله على أن يكلم النبى صلى الله عليه وسلم، فقال له زيد: انطلق إلى النبى، فإنه لن يعصيك، فانطلق علىّ معه إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فإنى فاعل، وإنى مرسلك يا علىّ على أهلها، فتكلمهم، فرجع على النبى صلى الله عليه وسلم إنى قد رضيته لكم، وأقضى أن تنكحوه، فأنكحوه. وساق إليهم عشرة دنانير وستين درهما وخماراً وملحفة ودرعاً وإزارا، وخمسين مداً من طعام وعشرة أمداد من تمر أعطاه النبى صلى الله عليه وسلم ذلك كله، ودخل بها زيد، فلم يلبث إلا يسيراً حتى شكا إلى النبى صلى الله عليه وسلم ما يلقى منها، فدخل النبى صلى الله عليه وسلم فوعظها، فلما كلمها أعجبه حسنها وجمالها وظرفها، وكان أمراً قضاه الله عز وجل، ثم رجع النبى صلى الله عليه وسلم وفى نفسه منها ما شاء الله عز وجل، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل زيداً بعد ذلك كيف هى معك؟ فيشكوها إليه، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم " اتق الله وأمسك عليك زوجك "، وفى قلبه غير ذلك، فأنزل الله عز وجل ﴿ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً ﴾ [آية: ٣٦] يعنى بينا، فلما نزلت هذه الآية جعل عبدالله بن جحش أمرها إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وقالت زينب للنبى صلى الله عيله وسلم: قد جعلت أمرى بيدك يا رسول الله، فأنكها النبى صلى الله عليه وسلم زيداً، فمكثت عنده حيناً، ثم إن النبى صلى الله عليه وسلم أتى زيداً فأبصر زينت قائمة، وكانت حسناء بيضاء من أتم نساء قريش، فهويها النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: " سبحان الله مقلب القلوب "، ففطن زيد، فقال: يا رسول الله، ائذن لى فى طلاقها، فإن فيها كبراً، تعظم علىّ وتؤذينى بلسانها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم " أمسك عليك زوجك واتق الله "، ثم إن زيداً طلقها بعد ذلك. فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَإِذْ تَقُولُ ﴾ يا محمد ﴿ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ ﴾ بالإسلام ﴿ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ﴾ بالعتق وكان زيد أعرابياً فى الجاهلية مولى فى الإسلام، فسبى فأصابه النبى صلى الله عليه وسلم فأعتقه ﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نِفْسِكَ ﴾ يعنى وتسر فى قلبك يا محمد ليت أنه طلقها ﴿ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ ﴾ يعنى مظهره عليك حين ينزل به قرآناً ﴿ وَتَخْشَى ﴾ قاله ﴿ ٱلنَّاسَ ﴾ فى أمر زينب ﴿ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ﴾ فى أمرها، فقرأ النبى صلى الله عليه وسلم هذه الآية على الناس، بما أظهر الله عليه من أمر زينب إذ هويها، فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: لزكتم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن لكتم هذه التى ظهرت عليه، يقول الله تعالى: ﴿ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً ﴾ يعنى حاجة وهى الجماع ﴿ زَوَّجْنَاكَهَا ﴾ يعنى النبى صلى الله عليه وسلم، فطلقها زيداً بن حارثة، فلما انقضت عدتها تزوجها النبى صلى الله عليه وسلم، وكانت زينب رضى الله عنها، تفخر على نساء النبى صلى الله عليه وسلم، فتقول: زوجكن الرجال، والله عز وجل زوجنى نبيه صلى الله عليه وسلم. ثم قال عز وجل: ﴿ لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ ﴾ تزويج نساء ﴿ أَدْعِيَآئِهِمْ ﴾ يقول: لكيلا يكون على الرجل حرج فى أن يتزوج أمرأة ابنه الذى تبناه، وليس من صلبه ﴿ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً ﴾ يعنى حاجة، وهو الجماع ﴿ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً ﴾ [آية: ٣٧] يقول الله عز وجل: كان تزويج النبى صلى الله عليه وسلم زينب كائناً، فلما تزوجها النبى صلى الله عليه سلم، قال أنس: إن محمداً تزوج امرأة ابنه، وهو ينهانا عن تزويجهن.