﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ﴾ يعنى نضجه وبلاغه ﴿ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ ﴾ على النبى صلى الله عليه وسلم فى بيته ﴿ فَإِذَا طَعِمْتُمْ ﴾ الطعام ﴿ فَٱنْتَشِرُواْ ﴾ يعنى فقوموا من عنده وتفرقوا ﴿ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ﴾ وذلك أنهم كانوا يجلسون عند النبى صلى الله عليه وسلم قبل الطعام وبعد الطعام، وكان ذلك فى بيت أم سلمة بنت أبى أمية أم المؤمنين، فيتحدثون عنده طويلاً، فكان ذلك يؤذيه ويستحيى أن يقول لهم قوموا وربما أحرج النبى صلى الله عليه وسلم، وهو فى بيته يتحدثون، فذلك قوله عز وجل ﴿ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ﴾ ﴿ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ ﴾ ثم أمر الله تبارك وتعالى نبيه بالحجاب على نسائه، فنزل الخيار والتيمم فى أمر عائشة. ونزل الحجاب فى أمر زينب بنت جحش، فامر الله تعالى المؤمين ألا يكلموا نساء النبى إلا من وراء حجاب، فذلك قوله: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ ﴾ من الريبة ﴿ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ وأطهر لقلوبهن من الريبة، فقال طلحة بن عبيدالله القرشى من بنى تميم بن مرة: ينهانا محمد أن ندخل على بنات عمنا، يعنى عائشة، رضى الله عنها، وهما من بنى تيم بن مرة، ثم قال فى نفسه: والله، لئن مات محمد وأنا حى لأتزوجن عائشة، فأنزل الله تعالى فى قول طلحة بن عبيدالله ﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً ﴾ [آية: ٥٣] لأن الله جعل نساء النبى صلى الله عليه وسلم على المؤمنين فى الحرمة كأمهاتهم. فمن ثم عظم الله تزويجهن على المؤمنين، ثم أعلمهم الله أنه يعلم سرهم وعلانيتهم، فقال: ﴿ إِن تُبْدُواْ ﴾ إن تظهروا ﴿ شَيْئاً ﴾ من أمركم يعنى طلحة لقوله يمنعنا محمد من الدخول على بنات عمنا، فأعلن هذا القول ثم قال: ﴿ أَوْ تُخْفُوهُ ﴾ يعنى أو تسروه فى قلوبكم يعنى قوله: لأتزوجن عائشة بعد موت النبى صلى الله عليه وسلم ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ من السر والعلانية ﴿ عَلِيماً ﴾ [آية: ٥٤].