﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ﴾ يعنى القناع الذى يكون فوق الخمار وذلك أن المهاجرين قدموا المدينة ومعهم نساؤهم، فنزلوا مع الأنصار فى ديارهم فضاقت الدور عنهم، وكان النساء يخرجن بالليل إلى النخيل فيقضين حوائجهن، يعنى البراز، فكان المريب يرصد النساء بالليل، فيأتيها فيعرض عليها ويغمزها، فإن هويت الجماع أعطاها أجرها، وقضى حاجته، وإن كانت عفيفة صاحت فتركها، وإنما كانوا يطلبون الولايد، فلم تعرف الأمة فى الحرة بالليل، فذكر نساء المؤمنين ذلك لأزواجهن، وما يلقين بالليل من الزناة، فذكروا ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم، فأنز الله عز وجل: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ﴾ يعنى القناع فوق الخمار ﴿ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ ﴾ يعنى أجدر ﴿ أَن يُعْرَفْنَ ﴾ فى زيهن أنهن لسن بمربيات، وأنهن عفايف، فلا يطمع فيهن أحد ﴿ فَلاَ يُؤْذَيْنَ ﴾ بالليل ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً ﴾ فى تأخير العذاب عنهم ﴿ رَّحِيماً ﴾ [آية: ٥٩] حين لا يعجل عليهم بالعقوبة. ثم أوعدهم، فقال للنبى صلى الله عليه وسلم: ﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ ﴾ عن نفاقهم ﴿ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾ الفجور وهم الزناة، ثم نعتهم بأعمالهم الخبيثة، فقال: ﴿ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ ﴾ يعنى المنافقين كانوا يخبرون المؤمنين بالمدينة بما يكرهون من عدوهم، يقول: لئن لم ينتهوا عن الفجور والإرجاف والنفاق ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ ﴾ يا محمد ﴿ بِهِمْ ﴾ يقول: لنحملنك على قتلهم ﴿ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [آية: ٦٠].
ونجعلهم ﴿ مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ ﴾ فأوجب لهم اللعنة على كل حال أينما وجدوا وأدركوا ﴿ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً ﴾ [آية: ٦١] يقول: خذوهم واقتلوهم قتالاً، فانتهوا عن ذلك مخافة القتل.﴿ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ ﴾ هكذا كانت سنة الله فى أهل بدر القتل، وهكذا سنة الله فى هؤلاء الزناة وفى المرجفين القتل، إن لم ينتهوا ﴿ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾ [آية: ٦٢] يعنى تحويلاً لأن قوله عز وجل حق فى أمر القتل.