﴿ إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ ﴾ وهى الطاعة ﴿ عَلَى ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ ﴾ على الثواب والعقاب إن أحسنت جوزيت، وإن عصيت عوقبت ﴿ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا ﴾ يعنى الطاعة على الثواب والعقاب، فلم يطقنها ﴿ وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا ﴾ وأشفقن من العذاب مخافة ترك الطاعة، فقيل لآدم، عليه السلام: أتحملها بما فيها، قال آدم: وما فيها يا رب؟ قال: إن أطعت جوزيت، وإن عصيت عوقبت، قال آدم: قد حملتها بما فيها، قال الله عز وجل: فلم يلبث فى الجنة إلا قليلا، يعنى ساعتين من يموه حتى عصى ربه عز وجل، وخان الأمانة، فذلك قوله عز وجل ﴿ وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ ﴾ يعنى آدم، عليه السلام.
﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً ﴾ لنفسه بخطيئته ﴿ جَهُولاً ﴾ [آية: ٧٢] بعاقبه ما تحمل من الطاعة على الثواب والعقاب.﴿ لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلْمُنَافِقِينَ ﴾ يقول: عرضنا الأمانة على الإنسان لكى يعذب الله المنافقين ﴿ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ ﴾ بما خانوا الأمانة وكذبوا الرسل، ونقضوا الميثاق الذى أفروا به على أنفسهم، يوم أخرجهم من ظهر آدم، عليه السلام، حين قال عز وجل:﴿ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ ﴾[الأعراف: ١٧٢]، فنقضوا هذه المعرفة وتركوا الطاعة يعنى التوحيد ﴿ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ ﴾ يقول: ولكى يتوب الله ﴿ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ﴾ بما وفوا بالأمانة ولم ينقضوا الميثاق ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً ﴾ لذنوبهم ﴿ رَّحِيماً ﴾ [آية: ٧٣] بهم.