﴿ قُلِ ﴾ لكفار ممكة ﴿ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ ﴾ أنهم آلهة، يعني الملائكة الذين عبدتموهم، فليكشفوا الضر الذي نزل بكم من الجوع من السنين السبع، نظيرها في بني إسرائيل، فأخبر الله عز وجل عن الملائكة أنهم ﴿ لاَ يَمْلِكُونَ ﴾ لا يقدرون على ﴿ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ يعني أصغر وزن النمل ﴿ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ ﴾ في خلق السماوات ﴿ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ فكيف يملكون كشف الضر عنكم ﴿ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا ﴾ في خلق السموات والأرض ﴿ مِن شِرْكٍ ﴾ يعني الملائكة ﴿ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ ﴾ من الملائكة ﴿ مِّن ظَهِيرٍ ﴾ [آية: ٢٢] يعني عوناً على شىء. ثم ذكر الملائكة الذين رجوا منافعهم، فقال جل وعز: ﴿ وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ ﴾ شفاعة الملائكة ﴿ عِندَهُ ﴾ لأحد ﴿ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ أن يشفع من أهل التوحيد، ثم أخبر عن خوف الملائكة أنهم إذا سمعوا الوحي خروا سجداً من مخافة الساعة، فكيف يعبدون من هذه منزلته؟ فهلا يعبدون من تخافه الملائكة؟ قال: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ ﴾ وذلك أن أهل السماوات من الملائكة لم يكونوا سمعوا صوت الوحي ما بين زمن عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، وكان بينهما قريب من ست مائة عام، فلما نزل الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم سمعوا صوت الوحي، كوقع الحديد على الصفا، فخروا سجداً مخافة القيامة، إذ هبط جبريل على أهل كل سماء، فأخبرهم أنه الوحي، فذلك قوله عز وجل: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ ﴾ تجلى الفزع عن قلوبهم قاموا من السجود ﴿ قَالُواْ ﴾ فتسأل الملائكة بعضها بعضاً ﴿ مَاذَا قَالَ ﴾ جبريل عن ﴿ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ ﴾ يعني الوحي ﴿ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ﴾ الرفعي ﴿ ٱلْكَبِيرُ ﴾ [آية: ٢٣] العظيم فلا أعظم منه.﴿ قُلْ ﴾ لكفار مكة الذي يعبدون الملائكة ﴿ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَاوَاتِ ﴾ يعني المطر ﴿ وَٱلأَرْضِ ﴾ يعني النبات فردوا في سورة يونس، قالوا:﴿ ٱللَّهُ ﴾[يونس: ٣١]، يرزقنا إضمار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلِ ٱللَّهُ ﴾ يرزقكم، ثم انقطع الكلام، وأما قوله: ﴿ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ [آية: ٢٤] قال كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم: تعالوا ننظر في معايشنا من أفضل دنيا نحن أم أنتم يا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟ إنكم لعلى ضلالة، فرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم: ما نحن وأنتم على أمر واحد إن أحد الفريقين لعلى هدى، يعني النبي صلى الله عليه وسلم نفسه وأصحابه، أو في ضلال مبين يعني كفار مكة الألف هاهنا صلة، مثل قوله عز وجل: ﴿ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً ﴾.
﴿ قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ٢٥] ﴿ قُلْ ﴾ يا محمد لكفار مكة ﴿ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ﴾ في الآخرة وأنتم ﴿ ثُمَّ يَفْتَحُ ﴾ يقضي ﴿ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ ﴾ بالعدل ﴿ وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ﴾ القضاء ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾ [آية: ٢٦] بما يقضي.﴿ قُلْ ﴾ لكفار مكة: ﴿ أَرُونِيَ ٱلَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ ﴾ يعني بالله عز وجل ﴿ شُرَكَآءَ ﴾ من الملائكة هل خلقوا شيئاً يقول الله عز وجل ﴿ كَلاَّ ﴾ ما خلقوا شيئاً، ثم استأنف ﴿ بَلْ هُوَ ٱللَّهُ ﴾ الذي خلق الأشياء كلها ﴿ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحْكِيمُ ﴾ [آية: ٢٧] العزيز في ملكه الحكيم في أمره. نظيرها في الأحقاف.﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ ﴾ يعني يا محمد ﴿ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ ﴾ عامة للناس ﴿ بَشِيراً ﴾ بالجنة لمن أجابه ﴿ وَنَذِيراً ﴾ من النار ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ ﴾ يعني أهل مكة ﴿ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٢٨].
﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ ﴾ الذي تعدنا يا محمد ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آية: ٢٩] إن كنت صادقاً بأن العذاب نازل بنا في الدنيا ﴿ قُل لَّكُم مِّيعَادُ ﴾ ميقات في العذاب ﴿ يَوْمٍ لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ﴾ عن المعياد ﴿ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [آية: ٣٠] يعني لا تتباعدون عنه ولا تتقدمون.


الصفحة التالية
Icon