قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِّنْ خَيْرٍ ﴾؛ أي ما يتمنَّى الذين كفروا من يهودِ المدينة ونصارى نَجران ولا مشركي العرب عبدةَ الأوثان أن ينَزَّل عليكم أيُّها المؤمنون من خيرٍ.
﴿ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾، من الوحْي وشرائع الإسلامِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾ مجرورٌ في اللفظ بالنَّسق على (مِن)، مرفوع في المعنى بفعلهِ، كقوله:﴿ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ﴾[الأنعام: ٣٨].
قوله تعالى: ﴿ مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ أي خيرٍ كما تقول: ما أتَاني من أحدٍ، فـ (مِن) فيه وفي إخوانه صلةٌ، وهي كثيرة في القُرْآنِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ ﴾؛ أي يختارُ برحمته للنبوة والإسلام من يشاءُ، ويختصُّ بها مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. والاختصاصُ آكَدُ من الخصوص؛ لأن الاختصاصَ لنفسِك؛ والخصوصَ لغيرِك.
﴿ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ ﴾؛ على من اختصَّه بالنبوَّة والإسلام.