قَوْلُهُ تََعَالَى: ﴿ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ ﴾؛ أي ما جعلَ اللهُ إمدادَ الملائكةِ إلا بشارةً بالنصرِ للمؤمنين، وَقِيْلَ: معناهُ: ما جعلَ الله إخبارَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بإمدادِ الملائكة إلا بُشرى بالنصرِ. وقولهُ تعالى: ﴿ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ﴾؛ أي ولتَسْكُنَ قلوبُكم في الحرب فلا تخافون من عدوِّكم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ﴾؛ أي ليس النَّصرُ بقلَّة العددِ ولا بكثرتهِ ولا من قِبَلِ الملائكةِ، ولكن النصرَ من عندِ الله.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ﴾؛ بالنَّقمةِ ممن عصَى.
﴿ حَكِيمٌ ﴾، في أفعالهِ. وقد اختلفُوا هل قاتلَتِ الملائكةُ يومَ بدرٍ مع المؤمنين أم لاَ؟ قال بعضُهم: لَم يُقاتِلوا ولكنَّ اللهَ أيَّدَ المؤمنين ليُشجِّع بهم قلوبَهم، ويُلقِي بهم الرُّعبَ في قلوب الكافرين، ولو بعثَهم اللهُ بالْمُحارَبَةِ لكان يكفِي مَلَكٌ واحدٌ، فإنَّ جبريلَ أهْلَكَ برِيشَةٍ واحدة سَبْعاً من قُرى قومِ لُوط، وأهلكَ بصيحةٍ واحدة جميعَ بلادِ ثَمود. وهذا القولُ أقربُ إلى ظاهرِ الآية. وقال بعضُهم: إنَّ الملائكةَ قاتَلَتْ ذلك اليوم؛ لأنه رُوي أن أبَا جَهْلٍ قال لابنِ مسعود: مِنْ أيْنَ كَانَ ذلِكَ الضَّرْبُ الَّذِي كُنَّا نَسْمَعُ ولاَ نَرَى شَخْصاً؟ فَقَالَ لَهُ: (مِنَ الْمَلاَئِكَةِ) فَقَالَ أبُو جَهْلٍ: هُمْ غَلَبُونَا لاَ أنْتُمْ!