وقولهُ تعالى: ﴿ ذٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ ﴾؛ معناهُ: إن الذي ذكرتُ لكم أيُّها الكفار من العذاب العاجِل في الدُّنيا فَذُوقُوهُ. ثم بيَّن جلَّ ذِكرهُ أن القتلَ في الدُّنيا لا يصيرُ كفارةً لهم، وأنَّ الله سيعاقِبُهم في الآخرة بقوله: ﴿ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾، وإنما قال تعالى في عذاب الدُّنيا ﴿ فَذُوقُوهُ ﴾؛ لأن الذوقَ يتناولُ اليسيرَ من الشيءِ، وكلُّ ما يلقَى الكفارُ من ضربٍ أو قتل في الدُّنيا فهو قليلٌ من العذاب يُعَجِّلُ لهم، ومُعظَمُ عَذابهم يؤخَّرُ إلى يومِ القيامة. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾ في فتحِ (أنَّ) وجهان أحدُهما: لأنَّها في موضعِ الرفع تقديرهُ ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وذلِكُمْ أنَّ للكَافِرِينَ. والثاني: لأنَّها في موضع النصب؛ تقديرهُ: ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَاعْلَمُوا أنَّ للكَافِرِينَ. وَقِيْلَ: واعلَمُوا بأنَّ للكافرين، فلما حَذفَ الباءَ نُصب.


الصفحة التالية
Icon