قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً ﴾؛ نزلَت في عُثمانَ وعليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أخبرَ اللهُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالفتنةِ التي تكون تُسَببها أنَّها ستكون بعدَك يلقاها أصحابُكَ تصيبُ الظالِمَ والمظلومَ، ولا تكون بالظَّلَمَةِ وحدَهم خاصَّة ولكنَّها عامة، وأخبرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك أصحابَهُ، فكانَ بعد وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الفِتَنِ بسبب عليٍّ وعُثمان ما لا يخفَى على أحدٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لاَّ تُصِيبَنَّ ﴾ جوابُ الأمرِ بلفظ النَّهي، كما يقالُ: أنْزَلْ مِنَ الدَّابة لا تَطْرَحْكَ أو لا تطرَحنَّكَ، معناهُ: أنْ تَنْزِلَ عنها لا تطرحَنَّك، فاذا أثبَتَّ النونَ الخفيفةَ والثقيلة كان آكدَ للكلامِ، ومنهُ قوله تعالى:﴿ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ ﴾[النمل: ١٨].
والمرادُ بالفتنةِ القتلُ الذي رَكِبَ الناسَ فيه بالظُّلم، وكان أمرُ الله أمراً باتِّقاء تركِ الإنكار على أهلِ المعاصي واتِّقاء الاختلاطِ بأهلِ المعصية، قال ابنُ عبَّاس: (أمَرَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أنْ لاَ يقِرُّوا الْمُنْكَرَ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ، فَيَعُمُّهُمُ اللهُ بالْعَذاب). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ ﴾؛ تحذيرُ شدَّة العقوبةِ لِمَن أهَاجَ الفتنَ، قال صلى الله عليه وسلم:" الْفِتْنَةُ رَاتِعَةٌ فِي بلاَدِ اللهِ وَاضِعَةٌ خِطَامَهَا، فَالْوَيْلُ لِمَنْ أَهَاجَهَا "، وفي بعضِ الأخبار:" الْفِتْنَةُ نَائِمَةٌ لَعَنَ اللهُ مَنْ أَيْقَظَهَا ".