قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾؛ قال ابنُ عبَّاس: (ذَلِكَ أنَّ قُرَيْشاً أعَانُواْ بَنِي الوَلِيدِ بْنِ بَكْرٍ وَكَانُواْ حُلَفَاءَهُمْ عَلَى خُزَاعَةَ؛ وَخُزَاعَةُ حُلَفَاءُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَهَزَمُوا خُزَاعَةَ، فَجَاءَ وَفْدُ خُزَاعَةَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأخْبَرَهُ بالقصَّة، وناشدُوا حِلْفَهُ فقالَ قائلُهم: يَا رَب إنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدَا حِلْفَ أبينَا وَأبيهِ الأَتْلَدَاكُنَّا وَالِداً وَكُنْتَ وَلَدا ثَمَّتَ أسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزِعْ يَدَافَانْصُرْ هَدَاكَ اللهُ نَصْراً أبَدَا وَادْعُ عِبَادَ اللهِ يَأْتُوا مَدَدَافِيهِمْ رَسُولُ اللهِ قَدْ تَجَرَّدَا إنَّ قُرَيْشاً أخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَاوَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا وَبَيَّتُونَا بالْوَتِيرِ هُجَّدَانَتْلُوا الْقُرْآنَ رُكَّعاً وَسُجَّدَا فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:" " لاَ نُصِرْتُ إن لَمْ أنْصُرْكُمْ " فقالَ أبُو بكرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللهِ أتَنْصُرُهُمْ عَلَى قَوْمِنَا؟! قَالَ: " لاَ نُصِرْتُ إنْ لَمْ أنْصُرْهُمْ " ثُمَّ أمَرَ النَّاسَ أنْ يَتَجَهَّزُوا إلَى فَتْحِ مَكَّةَ، فَفَتَحَهَا اللهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ ". وَأحَلَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ الْقِتَالَ لِخُزَاعَةَ ولَمْ يُحِلَّهُ لأَحَدٍ غَيْرَهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ ﴾ أي نقَضُوا عُهودَهم يعنِي قُريشاً.
﴿ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ ﴾ من مكَّة حين اجتمَعُوا على قتلهِ في دار النَّدوة ﴿ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ أي هم الذين بَدأُوا بنقضِ العهد حين قاتَلُوا خزاعةَ حلفاءَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
﴿ أَتَخْشَوْنَهُمْ ﴾؛ أي تخَافُونَ أن ينَالَكم مكروهٌ في قتالِهم فتتركوا قتالَهُم.
﴿ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ ﴾؛ تخافوهُ في تركِكم لقتالهم.
﴿ إِن كُنتُمْ مُّؤُمِنِينَ ﴾؛ مصدِّقين بعقاب الله وثوابه.