قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ ﴾؛ اتخذَ النصارَى واليهود علماءَهم وعُبَّادَهم أرْبَاباً؛ أي أطاعُوهم في معاصِي الله، فجعلَ اللهُ طاعَتهم عبادتَهم؛ لأنَّهم اتَّبعُوهم وتركُوا أوامرَ الله ونواهيهِ في كتُبهم، قال الضحَّاك: (الأَحْبَارُ: الْعُلَمَاءُ) وَاحِدُهُمْ حِبْرٌ وَحَبْرٌ بكَسْرِ الْحَاءِ وَبِفَتْحِهَا، وَالْكَسْرُ أفْصَحُ، وَالرُّهْبَانُ مِنَ النَّصَارَى: أصْحَابُ الصَّوامِعِ وَأهْلُ الاجْتِهَادِ فِي دِينِهِمْ. وقولهُ تعالى: ﴿ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ ﴾ أي سَادَةً من دونِ الله يُطيعونَهم في معاصِي الله. وأما تسميةُ العالِم حَبراً فلكثرةِ كتابتهِ بالحِبرِ، وَقِيْلَ: لَتبْحِيرهِ المعانِي بالبيانِ الحسَنِ. وأما الراهبُ فهو الخاشعُ للهِ. وقوله تعالى: ﴿ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ ﴾؛ أي اتُّخِذَ المسيحُ إلَهاً. وقولهُ تعالى: ﴿ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً ﴾؛ أي لَم يُؤمَروا في جميعِ الكتُب ولا على ألْسِنَةِ الرُّسلِ إلاَّ بعبادةِ إلَهٍ واحدٍ، وقولهُ تعالى: ﴿ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ أي تنْزِيهاً للهِ عن الشِّرك وما لا يليقُ بهِ.