قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ﴾؛ أي يوم يوقدُ على المكنوز في نار جهنَّم فتُكوَى بها جِبَاهُهم وجنُوبُهم وظهورهم عقوبةً، قال ابنُ عباس: (لاَ يُوضَعُ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ عَلَى دِينَارٍ وَلاَ عَلَى دِرْهَمٍ، وَلَكِنْ تُوَسَّعُ جُلُودُهُمْ لِذَلِكَ فَلاَ يَمَسُّ دِينَارٌ دِينَاراً وَلاَ دِرْهَمٌ دِرْهَماً). قَوْلُهُ تََعَالَى: ﴿ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ ﴾؛ أي يقالُ لَهم: هذا ما جمَعتُم في دارِ الدُّنيا.
﴿ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾، فذُوقوا عقوبةَ ما كنتم تجمعونَ. وسُئل أبو بكر الورَّاق: لِمَ خُصَّتِ الجِبَاهُ والْجُنوبُ والظُّهورُ بالكَيِّ؟ فقال: (لأَنَّ الْغَنِيَّ صَاحِبَ الْكَنْزِ إذا رَأى الْفَقِيرَ انْعصَرَ وَإذا ضَمَّهُ وَإيَّاهُ مَجْلِسٌ ازْوَرَّ عَلَيْهِ وَوَلاَّهُ ظَهْرَهُ). عن ثوبَان مولَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لَمَّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ قَالَتِ الصَّحَابَةُ: فَأَيُّ الْمَالِ نَتَّخِذُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: أنَا أسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ فَقَالَ عليه السلام: " لِسَاناً ذاكِراً وَقَلْباً شَاكِراً وَبَدَناً صَابراً وَزَوْجَةً تُعِينُكَ عَلَى إيْمانِكَ " ". وعن أبي هُريرة قالَ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:" مَا مِنْ صَاحِب كَنْزٍ لاَ يُؤَدِّي زَكَاتَهُ إلاَّ أُحْمِيَ عَلَيٍْهِ فِي نَار جَهَنَّمَ فَيُجْعَلُ صَفَائِحَ فَتُكْوَى بهَا جَبينُهُ وَجَنْبَاهُ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقَدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ يَرَى سَبيلَهُ إمَّا إلَى الْجَنَّةِ وَإمَّا إلَى النَّار. وَمَا مِنْ صَاحِب إبلٍ لاَ يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إلاَّ بُطِحَ لَهَا بقَاعٍ قَرْقَرٍ تَسِيرُ عَلَيْهِ، كُلَّمَا مَضَى عَلَيْهِ آخِرُهَا رُدَّ عَلَيْهِ أوَّلُهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ ألْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَرَى سَبيلَهُ إمَّا إلَى الْجَنَّةِ وَإمَّا إلَى النَّار. وَمَا مِنْ صَاحِب بَقَرٍ لاَ يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إلاَّ بُطِحَ لَهَا بقَاعٍ قَرْقَرٍ تَسيرُ عَلَيْهِ، كُلَّمَا مَضَى آخِرِهُا رُدَّ عَلَيْهِ أوَّلُهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ ألْفَ سَنَةٍ، ثُمَ يُرَى سَبيلَهُ إمَّا إلَى الْجَنَّةِ وَإمَّا إلَى النَّار. وَمَا مِنْ صَاحِبَ غَنَمٍ لاَ يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إلاَّ بُطِحَ لَهَا بقَاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤُهُ بأظْلاَفِهَا وَتَنْطَحُهُ بقُرُونِهَا لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءَ وَلاَ جَلْحَاءَ، كُلَّمَا مَضَى عَلَيْهِ آخِرُهَا رُدَّ أوَّلُهَا حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ يَرَى سَبيلَهُ إمَّا إلَى الْجَنَّةِ وَإمَّا إلى النَّار ".