قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ ﴾؛ أي أرسلناكَ يا مُحَمَّدُ بالصِّدقِ؛ من قولِهم: فلانٌ مُحِقٌّ في دعواهُ إذا كان صادقاً، دليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ ﴾[يونس: ٥٣] أي صِدْقٌ. وقال مقاتلُ: (مَعْنَاهُ: لَنْ نُرْسِلَكَ عَبَثاً بغَيْرِ شَيْءٍ؛ بَلْ أرْسَلْنَاكَ بالْحَقِّ) دليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ ﴾[الحجر: ٨٥] وهو ضدُّ الباطل. قال ابن عباس: (بالْقُرْآنِ) دليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ ﴾[ق: ٥].
وقال ابنُ كيسان: (بالإسْلاَمِ) دليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ ﴾[الإسراء: ٨١].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ بَشِيراً وَنَذِيراً ﴾؛ أي بشيراً للمؤمنين بالثواب، ونذيراً للكَافرين بالعقاب. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ ٱلْجَحِيمِ ﴾؛ أي لَسْتَ تُسألُ فيِ الآخرة عن أصحاب الجحيم، كما قالَ:﴿ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ﴾[فاطر: ٨] وقالَ:﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ ﴾[آل عمران: ٢٠].
ومَن فتحَ التاءَ فعلى النَّهي. وتأويلهُ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ:" لَيْتَ شِعْرِي، مَا فُعِلَ بأَبَوَيَّ؟ "فنَزلت هذه الآيةُ. وفيه قراءَتان: الجزمُ على النهي، وهي قراءةُ نافعٍ وشيبةٍ والأعرجِ ويعقوبَ. وقرأ الباقون بالرفعِ على النَّفي؛ يعني ولَسْتَ تُسْأَلُ عنهم. وقرأ أُبَيُّ: (وَمَا تُسْأَل). وقرأ ابنُ مسعود: (وَلَنْ تُسْأَلْ). والْجَحِيْمُ وَالْجَحْمُ وَالْجَحْمَةُ: مُعْظَمُ الدَّار.