قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ﴾؛ قال ابنُ عباس: (نَزَلَتْ فِي أهْلِ السَّفِيْنَةِ الَّذِيْنَ قَدِمُواْ مَعَ جَعْفَرَ بْنِ أبي طَالِبٍ؛ وَكَانُواْ أرْبَعِيْنَ رَجُلاً؛ اثْنَانِ وَثَلاَثُونَ مِنَ الْحَبَشَةِ؛ وَثَمَانِيَةٌ مِنْ رُهْبَانِ الشَّامِ؛ مِنْهُمْ بحِيْرَا). وقال الضحَّاك: (هُمْ مَنْ آمَنَ مِنَ الْيَهُودِ: عَبْدُاللهِ بْنُ سَلاَمٍ، وَشُعْبَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَأُسَيْدُ وَأسَدُ ابْنَا كَعْبٍ، وَابْنُ يَامِيْنَ، وَعَبْدُاللهِ بْنُ صُوريّا). وقال عكرمةُ: (هُمْ أصْحَابُ رَسُولِ اللهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم). وقيل: همُ المؤمنونَ عامة. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ﴾ قال الكلبيُّ: (يَصِفُونَهُ فِي كُتُبهِمْ حَقَّ صِفَتِهِ لِمَنْ سَأَلَهُمْ مِنَ النَّاسِ) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَكُونُ الْهَاءُ رَاجِعَةً إلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. وقال بعضُهم: هي عائدةٌ إلى الكتاب. واختلفوا في معناهُ؛ قال ابنُ مسعود: ﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ﴾ أي يُحَلِّلُونَ حَلاَلَهُ وَيُحَرِّمُونَ حَرَامَهُ وَيَقْرَأْونَهُ كَمَا أُنْزِلَ، وَلاَ يُحَرِّفُونَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ. وقال الحسنُ: (مَعْنَاهُ: يَعْمَلُونَ بمُحْكَمِهِ وَيُؤْمِنُونَ بمُتَشَابههِ؛ وَيَكِلُونَ عِلْمَ مَا أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ إلَى عَالِمِهِ). وقال مجاهدُ: (يَتَّبعُونَهُ حَقَّ اتِّبَاعِهِ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾؛ أي بالقرآنِ ويُقِرُّون بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمن يَكْفُرْ بِهِ ﴾؛ أي بالقرآنِ ويَجْحَدُ نبوَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ ﴾، وهم كعبُ بن الأشرفِ وأصحابهُ.


الصفحة التالية
Icon