قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا ﴾؛ أي قولُهم ودعاؤهم في الجنَّة: ﴿ سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ ﴾؛ فإذا سَمِعَ الخدَّام وذلك من قولِهم أتَوهم بما يشتهون، قال ابن جُريج: (يَمُرُّ الطَّيْرُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ أهلِ الْجَنَّةِ فَيَشْتَهِيهِ، فَيُسَبحُ اللهَ تَعَالَى، فَيَقَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَأْكُلُ مِنْهُ مَا شَاءَ، فَإذا فَرَغَ قَالَ: الْحَمْدُ للهِ). ويقالُ معنى قولهِ: ﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا ﴾ أي مُفْتَتَحُ كلامِهم التسبيحُ، ومختَتَمُ كلامهم التحميدُ، لاَ أن يكون الحمدُ آخرَ كلامِهم حتى لا يتكلمون بعدَهُ بشيءٍ. قال طلحةُ بن عبدِاللهِ:" سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ، فَقَالَ: " هُوَ تَنْزِيهٌ للهِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ " "وسُئِلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَنْ ذلِكَ فَقَالَ: (كَلِمَةٌ رَضِيَهَا اللهُ لِنَفْسِهِ). وقال الحسنُ: (بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ حِينَ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ:" إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ يُلْهَمُونَ الْحَمْدَ وَالتَّسْبيحَ، كَمَا تُلْهَمُونَ أنْفُسَكُمْ ". قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾؛ أي يحيي بعضهم بعضاً بالسلام، وتحييهم الملائكة بالسلام، وتأتيهم الملائكة من عند ربهم بالسلام، كما في قولهِ تعالى:﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ ﴾[الأحزاب: ٤٤] قرأ بلالُ بن أبي بُردة وابن محيصن (إنَّ الْحَمْدَ للهِ) بكسرِ (إنَّ) وتشديدِ النون ونصب (الْحَمْدَ).