قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ﴾؛ أي استقِمْ على الإسلامِ وَاثْبُتْ عليهِ؛ لأنه كان مُسْلِماً كقولهِ تعالى:﴿ فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ ﴾[محمد: ١٩] أي اثْبتْ على عِلْمِكَ. وقال ابنُ عبَّاس: (إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ حِيْنَ خَرَجَ مِنَ السَّرَب وَرَأى الْكَوْكَبَ وَالْقَمَرَ وَالشَّمْسَ، فَأَلْهَمَهُ اللهُ الإخْلاَصَ فَاسْتَدَلَّ وَعَرَفَ وَحْدَانِيَّةَ اللهِ فَأَسْلَمَ حِيْنَئِذٍ، وَقَالَ:﴿ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾[الأنعام: ٧٨-٧٩]) وليس أنه كان حين أفَلَتِ الشمسُ كافراً؛ لأنَّ الله تعالى لا يُنْبئُ مَن كان كافراً قطّ. ويجوزُ أن يكون معنى الإسلامِ: تسليمُ الأمور إلى الله تعالى والانقيادُ له من غيرِ امتناعٍ وعِصْيَانٍ. وقال الكلبيُّ: (مَعْنَاهُ: أخْلِصْ دِيْنَكَ للهِ بالتَّوْحِيْدِ). وقال عطاءُ: (سَلِّمْ نَفْسَكَ إلَى اللهِ وَفَوِّضْ أمْرَكَ إلَيْهِ). وقيل: اخْضَعْ واخشَعْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾؛ ظاهرُ المعنى.


الصفحة التالية
Icon