قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ﴾؛ أي يوم نَجْمَعُهم جميعاً من قُبورِهم إلى الْمَحْشَرِ للفَصْلِ بينهم. ونَحْشُرُ في اللغة: جَمْعُ الحيوانِ من كلِّ مكانٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ ﴾؛ أي نقولُ للذِينَ أشرَكُوا في عبادتِهم مع اللهِ غيرَهُ، وأشرَكُوا في أموالِهم كما أخبرَ اللهُ عنهم بقولهِ﴿ هَـٰذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا ﴾[الأنعام: ١٣٦].
وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ ﴾؛ أي يقالُ لَهم: قِفُوا أنتم وآلهتكم، وهذه كلمةُ تَهِديدٍ، كما يقالُ للغيرِ: مَكَانَكَ؛ أي الْزَمْ مكانَكَ حتى تنتظرَ ماذا حلَّ بكَ بسوءِ صَنِيعكَ، وحتى نفصِلَ بينكَ وبين خصمِكَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ ﴾؛ أي ففرَّقنا بين الكفارِ وبين آلهتِهم في القولِ بالاختلاف الذي يكون بينهم، وليس هذا من الإزالة ولكنه من قولك: أزَلْتُ الشيءَ عن مكانهِ أُزِلْهُ أزيلاً، والترسل الكثيرةُ من هذا الباب، والمزايَلَةُ المفارقةُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴾؛ معناهُ: إن اللهَ يسألُ الأصنامَ التي عَبدُوها: هل أمرتُم هؤلاءِ بعبادتِكم؟ فيقولون للذين كانوا يعبدُونَها ردّاً عليهم: ﴿ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴾ بأمْرِنا ولم نعلَمْ بعبادتِكم، ولم يكن فينا روحٌ فنفعلَ بعبادِتكم، فيقولُ الكفار: بَلَى قد عبدنَاكم، وأمرتُمونا فأطعنَاكم، فتقولُ الأصنام، كما قال تعالى: ﴿ فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ﴾؛ أي كفَى باللهِ فاصِلاً للحُكم بيننا وبينكم.
﴿ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ﴾؛ لا نعلمُ شيئاً من ذلك. والفائدةُ في اختصارِ الأصنام أن يُظهرَ اللهُ للمشركين ضَعْفَ معبُودِهم، وليزِيدَهم ذلك حسرةً على عبادتِهم.


الصفحة التالية
Icon