قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ ﴾؛ قال ابنُ عبَّاس: (نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الأَخْنَسِ بْنِ شُرَيْقٍ، كَانَ حِينَ يُجَالِسُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَيُظْهِرُ لَهُ أمْراً حَسَناً، وَكَانَ حَسَنَ الْمَنْظَرِ، وَكَانَ حَسَنَ الْحَدِيثِ، إلاَّ أنَّهُ كَانَ يُضْمِرُ فِي قَلْبهِ خِلاَفَ مَا يُظْهِرُ، فَأْنَزَلَ اللهُ فِي أمْرِهِ هَذِهِ الآيَةَ). يقالُ: إنَّ طائفةً من المشركين بَلَغَ بهم الجهلُ إلى أنْ قالُوا: إنَّا اذا أغلَقنا أبوابَنا، وأرخَينا سُتُورَنا، واسْتَغْشَيْنَا ثِيابَنا، وثَنَيْنَا صُدورَنا على عداوةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم كيف يعلمُ بنا؟ فَأَنْبَأَ اللهُ نَبيَّهُ عليه السلام عَمَّا كَتَمُوهُ. ومعنى الآيةِ: ألا إنَّهم يَثْنُونَ صُدورَهم على الكفرِِ وعداوةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِيكتُموا منه ما في صدورهم من عداوتهِ بإظهار المحبَّة. ويقال: معنى (يَثْنُونَ) يعرضون بصدورهم عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾؛ معناه: ألا حين يَتَغَطَّونَ بثيابهم يعلمُ الله ما يُسِرُّونَ بقلوبهم وفيما بينهم وما يُظهرون من محبَّة أو غيرِها.
﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾؛ أي عالِمٌ بالقلوب التي في الصُّدور، لأن الصدورَ مواضعُ القلوب.