قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ ﴾؛ يعني قبلَ أنْ خَلَقَ السماوات والأرضَ، قال ابنُ عبَّاس: (خَلَقَ اللهُ السَّّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أيَّامٍ، أوَّلُهَا يَوْمُ الأحَدِ وَآخِرُهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَلَوْ أرَادَ سُبْحَانَهُ خَلْقَهَا فِي أقَلِّ مِنْ لَحْظَةٍ لَفَعَلَ). قولهُ تعالى: ﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ ﴾ فيه بيانُ أنَّ السماوات والأرضَ ليستَا بأوَّلِ خَلْقٍ، وأنه تَقدَّمَهما خلقُ شيءٍ آخر، وفيه بيانُ زيادةِ القَدْرِ؛ لأن العرشَ مع كونهِ أعظمَ مِن السماواتِ والأرضِ كان على الماءِ، ولم يكن ذلك الماءُ على قَرَارٍ، ولكنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ أمسكَهُ بقُدرتهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾؛ أي ليَبلُوَكم فينظرَ أيُّكم أحسنُ عملاً، فيُثِيبُ المطيعَ المعتَبرَ بما يَرى من آياتِ السماوات والأرضِ، ويعاقِبَ أهلَ العنادِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾؛ معناهُ: ولئن قُلتَ يا مُحَمَّدُ للكفار: إنَّكم مبعُوثون من بعدِ الموتِ، ليقولُنَّ الذين كفَرُوا: ما هذا إلا تَمويهٌ ليس له حقيقةٌ، وقد أقَرُّوا أنَّ الله خالقُ السماواتِ والأرض ويُمسِكُها بغيرِ عَمَدٍ، لا يعجزهُ شيءٌ فكيف يشُكُّون في البعثِ بعدَ الموتِ.