قْولُهُ تَعَالَى: ﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ﴾؛ اختصارٌ معناهُ: أفمَن كان على بَيِّنَةٍ من ربه، ويتلوهُ شاهدٌ منه كالذِي يريدُ الحياةَ الدُّنيا وزينَتها، وأرادَ بالبيِّنة البرهانَ الذي هو من اللهِ، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم على بُرهانٍ وحُجَّةٍ من ربه، ويقرأ عليه القرآنَ شاهدٌ من اللهِ وهو جبريلُ عليه السلام، هكذا قالَ أكثرُ المفسِّرين أنَّ المرادَ بقولهِ: أفَمَنْ كان على بيِّنة من ربهِ هو النبيُّ صلى الله عليه وسلم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً ﴾؛ أي ومِن قبلِ القرآنِ كان جبريلُ يقرأ على موسَى التوراةَ إمَاماً يُقتَدى به، ونعمةً من اللهِ لِمَن آمَنَ به، و ﴿ إِمَاماً ﴾ بالنصب على الحالِ.
﴿ وَرَحْمَةً ﴾ أي ذا رحمةٍ، وَقِيْلَ: أرادَ بقوله: ﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ ﴾ جميعَ المؤمنين، وأرادَ بالشَّاهدِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾؛ يعني أصحابَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ومَن صَدَّقَهُ. وقولهُ تعالى: ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ ﴾؛ أي مَن يكفُرْ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم من أصنافِ الكفَّار واليهودِ والنصارى وغيرهم، فالنارُ مصيرهُ التي وعد َاللهُ في الآخرة. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ﴾؛ أي لا تكن في شَكٍّ من القرآنِ، وظاهرٌ أنَّ هذا الخطابَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم إلاَّ أن المرادَ به جميعُ الناسِ. وقولهُ تعالى: ﴿ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ﴾؛ يعني القرآن.
﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾؛ أي لا يصدِّقون في أنَّ القرآنَ من عندِ اللهِ.


الصفحة التالية
Icon