قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ ﴾؛ أي رَاوَدَتْهُ امرأةُ العزيزِ واسْمُها زُلَيْخَا، وكان يوسفُ من أحسنِ البشر، وكان كضَوءِ النَّهار ونور الشَّمسِ، وكان بحيث لا يستطيعُ آدميٌّ أن يصِفَهُ، فراودَتهُ أي طالَبَته لِمُرادِها منه.
﴿ وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ ﴾؛ عليهِ وعليها وطلَبت منه أن يُواقِعَها، قولهُ ﴿ وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ ﴾ قال المفسِّرون أغلَقَت سبعةَ أبوابٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ﴾؛ أي هَلُمَّ إلى ما هُيِّءَ لك، قرأ ابنُ كثير (هَيْتُ لَكَ) بفتح الهاء وضمِّ التاء، وقرأ أهلُ المدينة والشام بكسرِها وبفتح التاءِ، وقرأ الباقون بفتح الهاءِ والتاء، وهي قراءةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومعناهُ جميعاً، هَلُمَّ وأقبلْ، قال مجاهدُ: (تَدْعُوهُ إلَى نَفْسِهَا وَهِيَ كَلِمَةُ حَثٍّ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ ﴾؛ أي أعوذ باللهِ أن أفعلَ ما لا يجوزُ لِي فِعْلهُ. وَقِيْلَ: اعتصمُ باللهِ عن فعلِ ما تدُعُنَّني إليه. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُ رَبِّيۤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾؛ ذهبَ أكثرُ المفسِّرين إلى أنَّ معناهُ: إنَّ زوجَكِ سيِّدي أحسنَ تَربيَتي ومنْزِلَتِي مدَّة مُقامِي عندَهُ، لا أخونهُ في أهلهِ. سَمَّاهُ رَبّاً للرقِّ الذي كان ثبتَ له في الظاهرِ عليه. وَقِيْلَ: معناهُ: إن اللهَ تعالى ربي أحسنَ إلَيَّ بتخليصِي من البئرِ وما قصدَنِي قَومِي من الهلاكِ.
﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ ﴾؛ أي لا يأْمَنُ ولا ينجُو من عذاب الله الذين يظلِمُون أنفسهم، أراد بهم الزُّنَاةَ، ويجوزُ أن يكون أرادَ لو فَعَلَ ما دَعَتْهُ إليه لكان ظَالِماً لزَوجِها في أهلهِ. وفي قولهِ (هَيْتَ) خلافٌ من فتحِ التاء فلِسُكونِها وسكونِ الياء قبلَها نحوُ: كيفَ وأينَ، ومَن ضَمَّ التاءَ فعلى أنَّها مبنيَّةٌ على الضمِّ نحو حيثُ ومنذ، ومَن قرأ بفتحِ الهاء وكسرِ التاء فلأنَّ الأصلَ في التقاءِ السَّاكِنَين حركةُ الكسرِ، ويجوز أن يكون مبنيّاً على الكسرِ مثل أمسِ وجَيْرٍ.