قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ إِنِّيۤ أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ﴾؛ رُوي أن يوسفَ مَرِضَ في السجنِ، فأمرَ اللهُ جبريلَ أن يَعُودَهُ، فعاده فعرفَهُ لكثرةِ اختلافه إلى آبائهِ، فقال له جبريلُ: يا طاهرَ بن الطاهرِ، ربُّ العزَّة يقولُ لكَ: مَن حبَّبَكَ إلى أبيكَ من بين إخوتِكَ؟ قالَ: هو، قال: فمَن أنقذكَ من أيدِي إخوتِكَ؟ قالَ: هو، قال: فمَن سهَّلَ لك السَّيارةَ في الأرضِ القِفْرِ حتى أخرَجوكَ من قعر البئرِ؟ قال: هو. ثم نَشَرَ جبريلُ جناحه، وأشارَ إلى الأرضِ فانفَرَجَت، قال: يوسفُ انظر ما ترَى؟ قال: أرَى هو، ثم أشارَ إلى الأرضِ ثانية فانفَرَجت كلها حتى نظرَ يوسفُ إلى الصخرةِ التي عليها الأرضُون، فقال جبريلُ: ما ترَى؟ قال: صخرةٌ عليها دُرَّةٌ، قال: فما ترَى في فمِ الدُّرَّةِ؟ قال: أرَى طعاماً، قال ربُّ العزة يقول لكَ: أنا أذْكُرُ هذه الدرَّة في هذا الموضعِ ثم أنساكَ على وجهِ الأرض؟ أما استحيَيتَ مني حتى تقولَ لعبدِ مَلِكٍ اذكُرني عندَ ربك، ولم تقُل يا رب، فعندَ ذلك قال يوسفُ: يا رب فاسأَلُكَ بمَنَّكَ القديمِ، وفضلِكَ العميمِ إلاّ غفرتَ لي، قال: يا يوسفُ أغفِرُ لكَ وأخرِجُكَ من السجنِ، ثم كان من رُؤيا الملكِ ما كان. ومعنى الآية: أن الملِكَ واسمه زيَّان بن الوليدِ رأى في النومِ سبعَ بقَراتٍ سِمَانٍ خرجنَ من نَهرٍ من أنْهَار مصرَ، فخرجَ من بعدِهنَّ سبعُ بقَرِاتٍ عِجَافٍ، فابتلعَ العجافُ السِّمانَ فدخلن في بُطونِهِنَّ ولم يزد منهنَّ شيئاً، فعَجِبَ منُهنَّ، ورأى سبعَ سُنبلات خُضْرٍ وسبعَ سُنبلات أخَرَ يابساتٍ، الْتَوَتِ اليابساتُ على الْخُضْرِ فقَلَبن خُضرَتَهُنَّ ولم يسير عليهن شيءٌ منهن. فأرسلَ الملِكُ في هذه الرُّؤيا إلى السَّحَرةِ والكَهَنة، فجمَعَهم ثم قصَّ عليهم ذلك وقال لهم: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ * قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ ٱلأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ ﴾؛ أي قالتِ الكهنةُ والسَّحرة: هذه الرُّؤيا أباطيلُ الأحلامِ كاذبَةٌ، وما نحنُ بتأويلِ الأحلامِ المختلفة بعالِمين، ليس لها عندنا تأويلٌ.


الصفحة التالية
Icon