قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَلَمَّا ٱسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً ﴾؛ أي لَمَّا يَئِسوا من يوسُفَ أن يَرُدَّ أخَاهم عليهم انفَرَدُوا مُتناجِينَ فيما بينهم يتشاوَرُون كيفَ يرجِعُون إلى أبيهم وماذا يقُولون له. والتَّنَجِّي مصدرٌ يُعَبرُ بهِ عن الواحدِ والجميع، وقد يُجْمَعُ النَّجِيُّ أنْجِيَةً، قال الشاعرُ: إنِّى إذا مَا الْقَوْمُ صَارُواْ أنْجِيَهْ وَاخْتَلَفَتْ أعْنَاقَهُمْ الأَرْشِيَهْهُنَاكَ أُوْصِي وَلاَ يُوصَى بيَهْ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ ﴾؛ أي قالَ لهم رُوبيل وهو أكبرُهم في السنِّ: ألَمْ تعلَمُوا أنَّ أباكم قد أخذ عليكم عَهْداً من اللهِ لَتَرُدُّنَّهُ عليهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ ﴾؛ أي وتعلَمُون تفرِيطَكم في يوسف.
﴿ فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ ﴾ أي أرضَ مصرَ.
﴿ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِيۤ أَبِيۤ ﴾ في البَرَاحِ.
﴿ أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِي ﴾؛ في موتٍ، أو وصُولٍ إلى أخِي فأَرُدُّهُ إلى أبيهِ ﴿ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ ﴾؛ لا يحكمُ إلا بالحقِّ. ثُم قالَ لإخوتهِ كما قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يٰأَبَانَا إِنَّ ٱبْنَكَ سَرَقَ ﴾؛ صُوَاعَ الملكِ. وقرأ ابنُ عبَّاس (سُرِّقَ) بضمِّ السين وتشديدِ الراء.
﴿ وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا ﴾؛ إخبارٌ عن ظاهر وجودِ الصَّاع في رَحْلِ بنيامين أنه هو الآخذُ له.
﴿ وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ ﴾؛ أي ما كُنَّا ندري باطنَ الأمرِ في السَّرقة أنه سَرَقَ أو كُذِبَ عليه.